وانه سيجاء برجال من أمني فيؤخذ بهم ذات اليمين وذات الشمال، فأقول يا رب أصحابي! فيقول: انك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم، فيقال انهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم القهقرى وقد روى عن أبي هريرة ان النبي (ص) قال يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض، فأقول يا رب أصحابي، فيقول: انك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى.
وروى بهذا المضمون أكثر من عشر روايات، وجاء في بعضها انه لا يخلص منهم الا مثل همل النعم (1).
وبلا شك ان المراد من أصحابه في هذه الروايات على كثرتها هم الصحابة الذين عاصروه واستمعوا لأحاديثه وأقواله واشتركوا في غزواته هؤلاء بلا شك هم المعنيون بهذه الأحاديث، والذي يلفت النظر ويدعو إلى التسائل، هو وصفهم بالارتداد والتغيير والتبديل، مع أنهم حاربوا المرتدين وكانوا يحرصون على نشر الاسلام وتطبيق أصوله وفروعه، ومن البعيد ان يصفهم الله والرسول بهذه الصفات لمجرد مخالفتهم لبعض الاحكام وارتكابهم لبعض المعاصي، لان المعصية لا تسوغ وصفهم بالارتداد ولا بالخروج من الدين ولا توجب هلاكهم فلا بد وأن يكون السبب في ذلك أبعد من المخالفات والمعاصي التي لا يسلم فيها الا من عصمه الله، وإذا رجعنا إلى الاحداث التي تلت وفاة الرسول والتطورات التي حدثت من بعده لا نجد سببا معقولا سوى الموقف السلبي الذي وقفوه من الخليفة الشرعي ذلك الموقف الذي أنتج تلالي المضاعفات والتناقضات الخطيرة وهيأ للأمويين ان يحكموا باسم الدين والاسلام ويمارسوا