إلى ذلك، وأي شئ صنع مسلم إنما اخذ كتاب البخاري فعمل عليه وزاد فيه بعض الزيادات.
ونص على ذلك القرطبي في كتابه المفهم في شرح صحيح مسلم، وبعد ان استعرض ابن حجر في مقدمة فتح الباري آراء المحدثين والعلماء في صحيح البخاري، وسرد الجهات المؤدية إلى تفضيله على صحيح مسلم وتجميع كتب الحديث، اخذ في بيان الخصائص والكرامات التي امتاز بها صحيح البخاري، ونقل عن أبي أحمد بن أبي حمزة أنه قال: قال لي بعض السادات المقر لهم بالفضل: ان صحيح البخاري ما قرئ في شدة الا فرجت، ولا ركب به في مركب فغرق.
وجاء في المقدمة. ان البخاري قد فقد بصره في حداثة سنه وذهبت عيناه، فرأت والدته إبراهيم الخليل في المنام فقال لها: يا هذه قد رد الله على ابنك بصره، فأصبح وقد رد الله عليه بصره، وكان بعد ذلك يكتب في الليالي المقمرة وأورد من فضائله وكراماته حيا وميتا ما لم يثبت مثله للأنبياء والمقربين (1). ومن أمثلة ذلك، أن النبي (ص) قد أمر الناس بتدريس كتاب البخاري. وروي عن أبي زيد المروزي ان النبي (ص) جاءه وهو نائم بين الركن والمقام، فقال له: إلى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي قلت: يا رسول الله وما كتابك؟ قال جامع محمد بن إسماعيل. وجاء في المقدمة أيضا ان الروائح العطرة الطيبة كانت تفوح من قبره بعد أن وضع فيه واستمرت زمنا طويلا بعد دفنه، مما أدى إلى ازدحام الناس حول قبره ليأخذوا من ترابه العطر الفواح، ولم يمتنعوا عنه الا بعد أن أحيط بحاجز يحول بين الناس وبينه، وعد من كراماته انه كان يحفظ ستمئة الف حديث، وانه كان يحفظ كل ما يسمع وما يتلى عليه لأول مرة، ويمر بالكتاب مرة واحدة من أوله لآخره فيحفظه بالغا