منهم في كتابه، واما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف فيها أحد، فلا يهولنك ارجاف المرجفين: وزعم الزاعمين ان في الصحيحين أحاديث غير صحيحة (1).
ويبدو من تتبع آراء المحدثين والفقهاء في الصحيح للبخاري ان أكثرهم يرجحه على صحيح مسلم؟ وانهما معا أصح المؤلفات في الحديث والذين يفضلونه على جميع الصحاح، بين من بلغ بهم الغلو إلى تصحيح جميع مروياته، وبين من ضعف قسما من أحاديثه تفرد هو ببعضها، واشترك معه مسلم في اثنين وثلاثين حديثا، كما نص على ذلك في مقدمة فتح الباري ص 81 وبالإضافة إلى ذلك فقد تناول جماعة من المحدثين رجال البخاري واتهموا عددا كبيرا منهم بما يوحي بضعفهم وعدم جواز الاعتماد على مروياتهم، ومع ذلك فلم تتزعزع ثقة الجمهور فيه، وبالغوا في تقديسه والدفاع عنه حتى خرجوا عن المألوف والمعقول، وقد حدد المقدسي موقفهم منه بقوله: " كل من روى عنه البخاري فقد جاز القنطرة " اي يصبح فوق الشبهات والاحتمالات.
والواقع الذي لا يجوز التنكر له هو ان البخاري في اختياره لتلك المرويات التي دونها في صحيحه، والتي نظر إليها الجمهور وكأنها من وحي السماء يمكن ان نتلمس له المعذرة بالنسبة لمن لم يكن أمره واضحا من حيث دينه وسيرته، فلا بد له والحال هذه من البحث عن حال الراوي والرجوع إلى المصادر التي تبحث عن أحوال الرجال وتأريخهم حتى إذا تبين له انه مستوف للشروط من حيث العدالة والاستقامة وجب الرجوع إلى متن الحديث من حيث موافقته للكتاب ومخالفته له واشتماله على العلل والقرائن وغير ذلك مما يؤكد صحته، أو يمنع من الاعتماد عليه، وقد اختلفت آراء المحدثين في ذلك أشد الاختلاف، فالمعروف عن مالك