ابن انس انه كان يعتمد على أحاديث أهل المدينة أكثر من غيرها، كما اعتمد ابن جريح على أحاديث المكيين، والكثير من المحدثين لم يعتمدوا على مرويات العراقيين بحجة انها لا تخلو من التعليل في الغالب، هذا بالإضافة إلى أن الأنظار تختلف في تحديد العدالة باعتبارها من الشروط الأساسية في الراوي، فرب شخص يوثق رجلا، ولا يراه غيره ثقة، لأنه اطلع منه على ما يخل بالعدالة أو على ما لم يطلع عليه غيره لا سيما وقد وجد البخاري وغيره في عصر تشعبت فيه الآراء والمعتقدات، وتفرق المسلمون فيه شيعا وأحزابا وتراشقوا بالتكفير والتفسيق، واستحل بعضهم دماء البعض الآخر وكان من أبرز ما حدث النزاع الذي استحكم بين المحدثين من جهة والمعتزلة من جهة أخرى. ففي مثل ذلك يمكن ان نتلمس للبخاري ولغيره العذر في اعتمادهم على هذا النوع من الرواة أجل قد يعذر البخاري في اعتماده على بعض الرواة ما دام بالامكان ان نجد له ولو ما يشبه العذر.
أما إذا كانت حالة الراوي واضحة ومخالفاته تأبى عن التأويل الذي ومهما كان الحال. فقد نص ابن حجر في هدى الساري، على مروياتهم مهما حاول المتعصبون لهم اعطائهم صفة البراءة وسلامة القصد، وسنتعرض في الفصول الآتية لبعض الطعون الموجهة لبعضهم كما جاء في كتب التراجم وأحوال الرواة، بالإضافة إلى من أشرنا إليهم من رواة أحاديثه.
ومهما كان الحال. فقد نص ابن جر في هدى الساري، على أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد المستعلي قال: انتسخت كتاب البخاري من أصله الذي كان عند صاحبه محمد بن يوسف الفريري، فرأيت فيه أشياء لم تنم، وأشياء مبيضة، منها تراجم لم يثبت بعدها شئ، ومنها أحاديث لم يترجم لها، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض، قال أبو الوليد: ومما يدل على