ومحاكمة متونه وحذف ما يجب حذفه بعد دراسة متونه وعرض أسانيده على أصول علم الدراية، فقام تلاميذه من بعده بنقله من مسوداته وتدوينه على عيوبه وعلاته، كما تؤيد ذلك رواية إبراهيم بن أحمد المستعلي المتقدمة ورواية أبي محمد السرخسي وغيرهما من المرويات التي تؤكد ان البخاري رحمه الله قد وافاه اجله قبل تصفيته وتمحيص أسانيده ومتونه.
ولذا يرى المتتبع الحديث الواحد مكررا بنصه الحرفي في مختلف الأبواب بدون مناسبة واختلاف في السند غالبا.
ومن أمثلة التكرار وإن كان لا يخلو باب من أبوابه من حديث مكرر حديث أم حرام بنت ملحان زوجة عبادة بن الصامت.
وجاء في الحديث عنها، ان رسول الله (ص) دخل عليها فأطعمته وجعلت تفلي رأسه، فنام وهي تفليه ثم استيقظ وهو يضحك، قالت ما يضحكك يا رسول الله قال: أناس من أمتي عرضوا على غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة، قالت ادع الله ان يجعلني منهم فدعا لها فركبت البحر هي وزوجها في بعض الغزوات التي غزاها معاوية، ولما رجعت صرعتها دابة قدمت إليها لتركبها وماتت نتيجة لذلك، وروى هذه الرواية انس بن مالك ودونها البخاري في صحيحه وكررها بلا زيادة في مختلف الأبواب، وتكررت في المجلد الثاني من الصحيح أربع مرات في ص 134 و 137 و 149 و 153 هذا بالإضافة إلى بقية المجلدات التي لا يخلو منها هذا الحديث ومن الأمثلة أيضا الحديث الذي ينص على صعود النبي إلى السماء واجتماعه بالنبيين، ومن بينهم موسى (ع) الذي نصح محمدا (ص) في أن يراجع الله سبحانه في التخفيف عن أمته، وكان قد فرض عليها خمسين صلاة في اليوم على حد زعم الراوي، فرجع إليه، وطلب منه التخفيف عملا بنصيحة موسى (ع) فجعلها أربعين،