فمضافا إلى أهمية قرب الإسناد والأسانيد العالية عند العلماء أضفت مكانة الكافي ومنزلة مؤلفه عند الطائفة على هذا البحث قيمة عالية، ودورا كبيرا، حتى جعلته متربعا على عرش الثلاثيات كما تربع - ومنذ أكثر من ألف سنة - كتاب الكافي على عرش المجاميع الحديثية.
ورغم هذا كله لم اطلع على من أفرد هذه الثلاثيات، وجعلها مستقلة عن الكافي.
ولذلك يعد هذا البحث: قديما حديثا، قديما على ألسنة العلماء، حديثا بالبحث والتأليف.
وكانت فكرة هذا البحث تراودني منذ زمن، إلا أن صعوبة خوض عباب هذا المضمار، وكثرة المشاغل والاعذار حالا دون رجائي.
ولكن، وبعد اطلاعي على بعض الأبحاث حول (ثلاثيات الكليني) ألفيتها غير متناسبة - إما شكلا أو مضمونا - مع شأن الكافي ومؤلفه، ولقلة الاهتمام في عصرنا بالحديث وكتبه وخصوصا الكافي، وأداء لبعض الحقوق الواجبة على كل مسلم تجاه الاسلام وثقته الشيخ الكليني، فلأجل هذه الأمور قطعت على نفسي خوض هذا المضمار، ورغم جميع الصعوبات، فغصت في بحر بعيد الغور، عميق القعر، وأخذت بالتقاط تلك الدرر واللآلئ المتناثرة هنا وهناك، حتى اجتمع لدي منها الشئ الكثير، فتكاد لا ترى كتابا من كتب الكافي إلا وزينها مؤلفها بشئ من تلك اللآلئ، ورصعها ببعض هاتيك الدرر.
ووقفت على روايات معلوم أنها ثلاثية الاسناد وأخر غير معلومة، إما لاحتمال إضافة واسطة من قبل النساخ أو في الطباعة - سهوا - على الرواية الثلاثية، فتخرج - ظاهرا - عن موضوع البحث.
وأما لسقط في السند الرباعي أو الخماسي، فيتوهم منه أنه ثلاثي.