بالخمس " (1)، فأوصى بالخمس وقد جعل الله عز وجل له الثلث عند موته، ولو علم أن الثلث خير له أوصى به.
ثم من قد علمتم بعده في فضله وزهده سلمان وأبو ذر (رضي الله عنهما) فأما سلمان، فكان إذا أخذ عطاءه رفع منه قوته لسنته حتى يحضر عطاؤه من قابل.
فقيل له: " يا أبا عبد الله! أنت في زهدك تصنع هذا! وأنت لا تدري لعلك تموت اليوم أو غدا ".
فكان جوابه أن قال: " ما لكم لا ترجون لي البقاء كما خفتم علي الفناء؟!
أما علمتم - يا جهلة! - أن النفس قد تلتاث على صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما يعتمد عليه، فإذا هي أحرزت معيشتها (2) اطمأنت " (3).
وأما أبو ذر، فكانت له نويقات وشويهات يحلبها ويذبح منها إذا اشتهى أهله اللحم، أو نزل به ضيف، أو رأى بأهل الماء الذين هم معه خصاصة (4) نحر لهم الجزور أو من الشياه على قدر ما يذهب عنهم بقرم (5) اللحم، فيقسمه بينهم، ويأخذ هو كنصيب واحد منهم، لا يتفضل عليهم.
ومن أزهد من هؤلاء؟ وقد قال فيهم رسول الله (ص) ما قال! ولم يبلغ من .