الله (راجع عيون الأثر ح ١ ص ٢٥٨) تخلصا من القتال في بدر ناسيا أن مقام الرسالة لا يساويه مقام آخر، وأن بقاء رسول الله إنما هو إحياء الإسلام، ولا أثر في قتله أو قتل صحابي آخر غيره، ونسيا حين انهزما في خيبر وأحد وحنين ما أنزل الله من آياته البينات، ومنها: ﴿ومن يولهم يومئذ دبره، إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير﴾ (1).
ولم يذكر لنا التاريخ أي تضحية بذلوها في أي حرب، أو رأي صائب قدموه، كما أشار الصحابي سلمان الفارسي (رحمهم الله) في حرب الخندق بحفر الخندق، وقد برهن عمر رغم عدم مساعدته في الرأي والعمل إنه كان في كثير من الأحيان يثير غضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لشكوكه المتوالية، ومنها اعتراضه على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في صلح الحديبية، وكان مبعث ذلك الاعتراض إنما هي شكوكه في النبوة كما جاهر بها، وكما اعترض على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: إنك وعدتنا بفتح مكة ولم تفتحها، فأجابه: هل عينت وقتا، فقال: لا، فقال: له سوف نفتحها.
ونسي عمر وصاحبه أبو بكر أن أفعال وأقوال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما هي من وحي الله وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما قال شيئا إلا وصدق بقوله كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (2).
وقد صرح المفسرون أن المقصود من الصادقين إنما هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام)، ومن المفسرين والحفاظ من قال: إنما الصادقون هم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي والأئمة من عترتهم (عليهم السلام)، ومنهم الخطيب الخوارزمي في المناقب، والشيخ سليمان البلخي الحنفي في الباب 39 في ينابيع المودة، والحمويني ومحمد بن يوسف الكنجي الشافعي في الباب 62 من كفاية الطالب، كما نقل الجميع من تاريخ محدث الشام.