في حين لا يكون ذلك في الأطراف والزوائد ومثل هذا نجده في المجتمع البشري بالنسبة لمكانتهم، وقد أحاطت الطبيعة كل عضو وما يحتويه من الحجيرات المهمة على قدر أهميتها بحصون واقية لمكانتها ومركزها المهم في المجتمع القائمة فيه، لذا نرى كيف صانت الطبيعة المخ بطبقات الشحوم والأغشية والعظام ومثله المخيخ، ويليه القلب والغدد الصماء، حتى بإمكاننا إن نقدر أهمية كل عضو وما يحويه من حجيرات بدرجة الاهتمام والحفاوة والصيانة والوقاية التي أحاطت به الطبيعة هذا القسم، وتركت له الفرص الكاملة للقيام بأعماله بعيدا عن المخاطرات والمزعجات، كما نرى في الأنسجة الواقعة في الجانب الوحشي للبدن، أخص منها العضلات فالبشرة، بما تشمل من الحجيرات هي أقل أهمية من الأولى.
وفي ذلك عبرة وعظة يلزمنا رعايتها في مواضع الشبه من المجتمع الإنساني، ثم تخصص كل حجيرة من العضو وكل عضو حسب مكانته وأهميته وما خص به ووضع له وما يقوم به من الأعمال بالنسبة له ولعضوه من جهة، والرابطة المشتركة بينه وبين بقية الأعضاء الأخرى ودرجة مساعدة الواحد للآخر، أو في حالة حدوث اختلال بسيط أو كبير كيف تهتم به المراكز الحساسة بالدرجة المناسبة لتلافي النقص، متحملة كل منها على قدرها من هذه المعونة والعناء، من جهة أخرى.
فما من حجيرة في حجيرات البدن الإنساني إلا ونجد له محلا للتطبيق في المجتمع البشري، فأفراد المجتمع البشري ينقسمون حسب الأهمية إلى مجموعات كبيرة وصغيرة، عالمة وجاهلة، وفيه مختلف الطبقات والزمر والتخصصات، لكل منها مقام ودرجة في المجتمع الإنساني، ولكل مكانه كما وجدنا ذلك في الحجيرات، وكما أن حجيرات أنسجة الدماغ لا يمكن تعويضها بحجيرات وأنسجة عضلة الكبد، وهذه بدل أنسجة المثانة، وتلك بأنسجة الجهاز العصبي، فكذلك لا يمكن ذلك في