السقيفة أم الفتن - الدكتور الخليلي - الصفحة ٥٠
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من لحمه ودمه ونفسه وروحه، وعلمه وحكمته وخصاله وصفاته ووارثه ووصيه، بما نزل به من الوحي من الله ونطق به كتابه المؤيد في سوره وآياته وبما أبداه النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) عنه فقال: هو مني بمنزلة هارون من موسى، وذريته ذريته، وهو نفسه وأخوه ووصيه وحبيبه وعيبة علمه وأبو ذريته، وهو الذي قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ستقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل (1)، الذي قال: سلوني قبل أن تفقدوني، وخطب القوم مشيرا لصدره: هذا سفط العلم، هذا لعاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (2). وهو من حيث الوراثة والتربية والمحيط نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونفس منزلته.
نفس الآباء والمربين، نفس الخلق والصفات والمكارم والأمجاد، فقد امتدحه الله في كتابه وأشاد به وطهره من الرجس كرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعبر عنه في آية المباهلة بنفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعل له حق الولاية كرسول الله في آية الولاية وجعله مثله في غدير خم، مولى كل مؤمن ومؤمنة، من أحبه أحبه الله ورسوله ومن أبغضه أبغضه الله ورسوله، ومن نصره نصره الله ورسوله، وهو أحب خلق الله لله في حديث الطير، وأخيرا هو صاحب المكرمات، وأبو الفضائل، من لا يجاريه بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحد قط، ومن يستطيع أن يملأ مكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويسد الثلم الذي أحدثه موته (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ إلا هو وحده طبق حكم الحكماء ورأى العلماء، والحقائق الصادقة والتجارب الناطقة، ليس سواه.
فهل يجوز لمن نشأ على الشرك طفلا وصبيا ويافعا وشابا وكهلا، وأتى ما أتاه القوم من المنكرات من الظلم والتعدي ووأد البنات ولعب القمار وشرب المسكرات وعبادة الأوثان، وتخلق بأخلاق القوم واختلطت بلحمه ودمه وكل جوارحه

(1) راجع الجزء الأول والثاني من موسوعتنا هذه.
(2) من خطبة في نهج البلاغة.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 55 56 ... » »»
الفهرست