السقيفة أم الفتن - الدكتور الخليلي - الصفحة ٤٢
اتباعه إن شئتم أن لا تضلوا، وكم قال إنه أخي ووزيري، فهل هناك من هو أولى وأنسب من علي (عليه السلام) ليحل محل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مادة ومعنى، وقد نزلت فيه الآيات المارة الذكر وغيرها حتى بلغت الثلثمائة آية.
فقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الوحيد بين قومه الذي تتزعزع إثر موته الأمة، وهذا ما نطقت به الآية (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم...) (1).
وحفظا من هذا الانقلاب والانهيار إلى الضلال، فقد دلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهداهم إلى السبيل القويم الذي إن تمسكوا به ما كانوا ليضلوا أبدا، وهو التمسك بالثقلين، واتباع أخيه في حديث الغدير، وقبله يوم الدار وغيرها وغيرها! (2).

(١) سورة...، الآية....
(٢) الرضوي: حديث الثقلين دلالته على عصمة أهل البيت (عليهم السلام): لاقترانهم بالكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتصريحه بعدم افتراقهم عنه، ومن البديهي أن صدور آية مخالفة للشريعة سواء كانت عن عمد أم سهو أم غفلة، تعتبر افتراقا عن القرآن في هذا الحال وإن لم يتحقق انطباق عنوان المعصية عليها أحيانا كما في الغافل، والساهي.
والمدار في صدق عنوان الافتراق عنه عدم مصاحبته لعدم التقيد بأحكامه وإن كان معذورا في ذلك، فيقال فلان - مثلا - افترق عن الكتاب وكان معذورا في افتراقه عنه، والحديث صريح في عدم افتراقهما حتى يردا علي الحوض. أنظر: " الأصول العامة للفقه المقارن، ص ١٦٦.
ومن خطبة للإمام الحسن السبط (عليه السلام) - من خطبته فيما خص الله به أهل البيت (عليهم السلام) - قال:
وأقسم بالله لو تمسكت الأمة بالثقلين لأعطتهم السماء قطرها، والأرض بركتها، ولأكلوا نعمتها خضراء من فوقهم ومن تحت أرجلهم من غير اختلاف بينهم إلى يوم القيامة، قال الله عز وجل (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم). (سورة المائدة الآية ٦٦) وقال عز وجل: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون). (سورة الأعراف، الآية ٩٦) أنظر الروائع المختارة من خطب الإمام الحسن السبط ص ٥٨ ط مصر.
وقال الكاتب المصري صالح الورداني:
لقد ترك الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) للأمة الكتاب، وربط هذا الكتاب بآل البيت (عليهم السلام) بزعامة الإمام علي (عليه السلام) فمن التزم بالكتاب التزم بآل البيت (عليهم السلام). ومن حاد عن الكتاب حاد عن آل البيت (عليهم السلام).
إن ربط الكتاب بالإمام يضفي المشروعية على كل خطوات الإمام ومواقفه، فهو قد اختير من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليكون مفسر هذا الكتاب والمعبر عنه والناطق بلسانه. أنظر السلف والسياسة ص ١١٢ ط أولى عام ١٩٩٦ دار الجسام - القاهرة.
وقال العلامة المحقق الثبت السيد حامد حسين اللكهنوي طاب ثراه:
دلالة الحديث على عصمة الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام):
١ - لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر فيه باتباع أهل البيت (عليهم السلام)، وحاشاه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأمر باتباع الخاطئين والمخالفين للكتاب والسنة.
٢ - لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قرنهم بالكتاب وأمر باتباعهما معا، فكما أن الكتاب منزه من كل باطل، فأهل البيت (عليهم السلام) كذلك.
٣ - لأنه جعل التمسك بهم مانعا من الضلال كالكتاب، ومن كان جائزا عليه الضلال لا يكون مانعا منه...
٤ - لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) صرح بعدم الافتراق بين الكتاب والعترة، أي فإنهم لا يخالفونه في وقت من الأوقات.
٥ - لأنه صرح في بعض طرقه بقوله: " هذا علي مع القرآن، والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض " وهذا تخصيص بعد تعميم... انتهى كلامه طاب ثراه. عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار: ٢ / ٤٤ حديث الثقلين قسم السند.
وقال الله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) الحشر: ٧.
وقال الكاتب المصري الأستاذ صالح الورداني:
ركائز الإسلام النبوي:
- القرآن..
- آل البيت..
القرآن: لقد أوصى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الأمة بالقرآن وخص عليه في روايات ومواضع كثيرة كانت آخرها حجة الوداع، حيث أوصى الأمة بضرورة التمسك بالكتاب والعترة آل البيت (عليهم السلام)...
يروي البخاري عن طلحة قال:
سألت عبد الله بن أبي أوفى، أوصى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فقال: لا، فقال: كيف كتب على الناس الوصية؟ أمر بها ولم يوص؟ فقال: أوصى بكتاب الله. البخاري، كتاب فضائل القرآن باب ١٨.
ويروى أن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه.. البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب ٢١.
ويروي مسلم عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله في خطبة الوداع:
.. كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به.
فحث على كتاب الله، ورغب فيه.. أنظر مسلم كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي (عليه السلام).
ومثل هذه الروايات التي تشير إلى أن القرآن كان موجودا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان الصحابة يتناولونه من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد برز من بينهم من هو ماهر فيه، ملتزم به، يحفظه عن ظهر قلب.
وعلى رأس هؤلاء كان الإمام علي (عليه السلام)، وابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل...
وروي عن ابن مسعود قوله: والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم فيمن أنزلت. المرجع السابق. ويلاحظ أن هذه الرواية جاءت على لسان الإمام علي (عليه السلام) بنفس النص. أنظر طبقات ابن سعد ٢ / ٣٣٨.
إلا أن أبا بكر حين قام بجمع القرآن لم يستعن إلا بزيد بن ثابت وحده.
وعثمان حين ألزم الأمة بمصحف واحد اختار مصحف حفصة الذي كان قد جمعه أبو بكر، ولم يختر مصحف الإمام (عليه السلام) أو ابن مسعود، أو أبي بن كعب أو ابن عباس، ولم يستعن بأي من هؤلاء لا في عهد أبي بكر ولا في عهد عثمان، حتى أنه كان هناك مصحف لدى عائشة أيضا لم يستعن به. أنظر البخاري. وكتاب تاريخ القرآن. وفصل " القرآن " من كتابنا:
" الخدعة ".
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست