ثم قال: وقول الشيخ في الفهرست: وكتاب زيد النرسي رواه ابن أبي عمير عنه، فيه تخطئة ظاهرة للصدوق وشيخه في حكمهما بأن أصل زيد النرسي من موضوعات محمد بن موسى الهمداني، فإنه متى صحت رواية ابن أبي عمير إياه عن صاحبه امتنع إسناد وضعه إلى الهمداني المتأخر العصر عن الراوي والمروي عنه.
وأما النجاشي، وهو أبو عذرة هذا الأمر وسباق حلبته كما يعلم من كتابه الذي لا نظير له في فن الرجال، فقد عرفت من كلامه روايته لأصل زيد النرسي - في الحسن كالصحيح، بل الصحيح على الأصح - عن ابن أبي عمير، عن صاحب الأصل. وقد روى أصل زيد الزراد عن المفيد، عن ابن قولويه، عن أبيه وعلي بن بابويه، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن ابن أبي عمير، عن زيد الزراد. ورجال هذا الطريق وجوه الأصحاب ومشايخهم، ليس فيهم من يتوقف في شأنه سوى العبيدي، والصحيح توثيقه. وقد اكتفى النجاشي بذكر هذين الطريقين ولم يتعرض لحكاية الوضع في شيء من الأصلين، بل أعرض عنها صفحا وطوى دونها كشحا؛ تنبيها على غاية فسادها مع دلالة الإسناد الصحيح المتصل على بطلانها.
وفي كلامه في زيد النرسي دلالة على أن أصله من جملة الأصول المشهورة المتلقاة بالقبول بين الطائفة، حيث أسند روايته عنه أولا إلى جماعة من الأصحاب ولم يخصه بابن أبي عمير. ثم عد في طريقه إليه من مرويات المشايخ الأجلة، وهم: أحمد بن علي بن نوح السيرافي، ومحمد بن أحمد بن عبد الله الصفواني، وعلي بن إبراهيم القمي، وأبوه إبراهيم بن هاشم. وقد قال في السيرافي: إنه كان ثقة في حديثه، متقنا لما يرويه، فقيها بصيرا في الحديث والرواية. وفي الصفواني: إنه شيخ، ثقة، فقيه، فاضل.
وفي القمي: إنه ثقة في الحديث. وفي أبيه: إنه أول من نشر أحاديث الكوفيين بقم.
ولا ريب في أن رواية مثل هؤلاء الفضلاء الأجلاء، تقتضي اشتهار تلك الأصول في زمانهم، وانتشار أخبارها فيما بينهم.
وقد علم مما سبق كونه من مرويات الشيخ المفيد وشيخه أبي القاسم جعفر بن