المنكر لا سيما في مثل عهودهم الحاضرة التي لم يبق فيها من المعروف حتى رسمه فضلا عن أن يكون كلهم من الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر. هذا هو الواقع المرير الذي لا سبيل لنا من إنكاره والمكابرة فيه فكيف نتصور انطباق الآية على عهودنا وأمثالها.
وعليه فليس الإشكال يخص الأمة الإسلامية في أول عهودها بعد النبي بل في جميع عهودها الغابرة والحاضرة فكيف نستطيع التوفيق بين واقع أمتنا المحزن وبين دلالة الآية على امتداح هذه الأمة وتفضيلها على سائر الأمم لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ كيف التوفيق يا ترى؟
والذي يخطر في بالي من الجواب على ذلك أحد أمرين (الأول) وهو الأرجح عندي أن الآية قد تقدمتها آيات أخر ذكرت وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن هذا التشريع كما يبدو منها أنه من مختصات المسلمين المخاطبين بهذا الوجوب على أن يتولى بعضهم هذا الأمر ثم ذكرت نهي المؤمنين عن أن يتفرقوا ويختلفوا من بعد أن جاءتهم البينات فتبيض وجوه بعض وتسود وجوه آخرين ثم قال: " كنتم خير أمة... " لبيان أنه لما كانوا خير الأمم لا ينبغي أن يختلفوا وسر أنهم خير الأمم لأنه قد شرع لهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس المقصود الأخبار عن أنهم كلهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لا سيما أن المخاطب