معنى كلمة " من وثق بماء لم يظمأ " بعد تقديم قوله: " ما شككت في الحق مذ رأيته " وقد رأى الحق وهو ابن عشر سنين!.
ويوضح لنا ذلك جوابه المشهور لأبي سفيان لما جاءه مستفزا على أبي بكر وهو يقول: " فوالله لئن شئت لأملؤها خيلا ورجلا " وأنت تعرف ما قال له الإمام أنه قال: " أنك والله ما أردت بهذا إلا الفتنة وأنك والله طالما بغيب للإسلام شرا لا حاجة لنا في نصيحتك " ما أعظم هذه الصرامة والصراحة منه لمن يريد أن يبذل نفسه وقومه في ظاهر الحال ناصرا ومعينا على خصومه وهو يشكو فقد الناصر. نعم أن الدين الذي بذل له مهجته كان عنده فوق جميع الاعتبارات، وإن استهان به غيره، وقد رأينا أبا سفيان كيف أسرع في الرجوع عن وعده ووعيده لما تركوا له ما في يده. وأمير المؤمنين قد صرح بغرضه هذا بعد ذلك في جوابه الذي أشرنا إليه عن كتاب معاوية كما في النهج والعقد الفريد إذ قال عن إبائه على أبي سفيان: " حتى كنت أنا الذي أبيت لقرب عهد الناس بالكفر مخافة الفرقة بين أهل الإسلام ".
4 - سلوكه مع الخلفاء أما وقد تركنا الإمام يغضي عن حقه ويقرر بالأخير خطة