وليس هناك شئ في الإسلام غني عن البرهان بل عن البيان مثل دعوته إلى الوحدة والعمل لها بكل الوسائل، ليكون المؤمنون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا. وقد تجلى ذلك ظاهرا في كثير من الأحكام العملية: في وجوب الحج وصلاة الجمعة والجماعة وحرمة الغيبة واللمز والغمز والقذف... وما إلى ذلك مما لا يحصى، وبعد هذا أيمكننا أن نجرأ فندعي أن الرسول يدعو إلى الخلاف! وأكثر من ذلك يسعى إلى التفرقة، وأية تفرقة هي؟ إن هذا لبهتان عظيم وزور مبين! اللهم إني استجير بك من شطحات القلم والتفكير.
6 - الاجماع على قاعدة الاختيار وهنا لا بد أن ننصف في القول فلا نجري الكلام على عواهنه، فأني لم أعرف عن إخواننا أهل السنة أنهم فسروا هذا الصمت المدعى بذلك التفسير إلا من قل. وعلى الأقل أنهم لم يجعلوه وحده دليلا على إيكال أمر الخلافة لاختيار أهل الحل والعقد، وإنما يستدلون بإجماع أهل الصدر الأول على كفاية اختيار أهل الحل والعقد، بدليل بيعة أبي بكر يوم السقيفة. وعندهم الاجماع حجة لما روي عنه عليه الصلاة والسلام، " لا تجتمع أمتي على الخطأ " و " ولا تجتمع أمتي على ضلال ".