يكتبه. وأنا أقول لا مجال لهذا الشك بعد ثبوته برواية أهل الحديث والتاريخ والتفسير. ولا بد من التسليم به بعد إن كان متواتر النقل أوفي حكم المتواتر. وأما ما ذكرت من سبب الطعن فيه ففيه كثير من فضول القول فيما يتعلق باحتمال أنه كان قرآنا فإنه ليس مجال لهذا الاحتمال ولا يتصوره أحد بل هو كتاب أراد أن يسجله للمسلمين لئلا يضلوا بعده فأبوا لأنفسهم هذه النعمة. وكونه باردة لم يسبق لها مثيل منه (ص) فهو صحيح ولكن لا يوجب ذلك إنكارا للحديث وهل تعجب من النبي أن يصنع شيئا لم يسبق له نظير لا سيما وأنها بادرة تقع في أخريات أيامه قصد بها أن يفارق أمته عن شئ يسد عليهم باب الخلاف والضلال. إن النبي أعظم من أن تستكثر عليه مثل هذه البادرة.
وأما قولك: " ثم من هو عمر هذا الذي يأمر وينهي ولا يستطيع أحد مخالفته " فهذا صحيح ولكن عمر لم يمنعه بقوة سيف أو سيطرة على المسلمين أو على النبي وإنما منعه لأنه ألقى شبهة تثير الخلاف مدى الدهر وهي أن النبي كان يهجر أو غلبه الوجع ما شئت فعبر، وأقل الناس يستطيع أن يصنع ذلك لا سيما إذا وجد أعوانا وأنصارا وبالفعل قد وجد عمر أولئك الأعوان إذ رأينا المسلمين الحاضرين قد اختلفوا على فرقتين، فبطل مفعول الكتاب الذي كان المقصود منه أن لا يضلوا بعده أبدا كيف وقد صار هو نفسه موضوعا للنزاع والجدال والنبي حاضر بينهم وأمام عينيه حتى أغضبوه وقال: " " قوموا عني ولا ينبغي عند نبي نزاع ". ولا يريد النبي أن ينفذ مثل هذا بقوة السيف أو العشيرة فإن طبيعة الموضوع تأبى ذلك لأن هذا يزيد في الخلاف ويعقده.