النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٤٨
وهذا هو رأي الطائفتين الشافعية والحنفية (1).
أما الحنابلة فإنهم وإن أخذوا بالمصالح المرسلة التي لا يكون لها في الشريعة أصل يشهد لها، لكنهم مع ذلك لا يقفون بالمصالح موقف المعارضة من النصوص بل يؤخرون المصلحة المرسلة عن النصوص (2) فهم إذن لا يقيدون بها نص المؤلفة قلوبهم، فليعطفوا فيه وفي أمثاله على الإمامية والشافعية والحنفية.
وكذلك المالكية في نص المؤلفة قلوبهم وأمثاله، لأنهم وإن أخذوا بالمصالح المرسلة، ووقفوا بها موقف المعارضة المنصوص، لكنهم إنما يعارضون بها أخبار الآحاد وأمثالها مما لا يكون قطعي الثبوت، ويعارضون بها أيضا بعض العمومات القرآنية التي لا تكون قطعية الدلالة علي العموم، أما ما كان قطعي الثبوت وقطعي الدلالة كنص المؤلفة قلوبهم فلا يمكن عندهم أن تقف المصالح المرسلة معارضة لها أبدا (3) لأنها قطعية الثبوت والدلالة معا.
وبالجملة فإن أصول الفقه على هذه المذاهب كلها لا تبيح حمل حرمان المؤلفة قلوبهم على ما قد أفاده الأستاذ وقد فصلنا ذلك.
ولولا إجماع الجمهور (4) على أن الخليفتين رضي الله عنهما قد ألغيا

(1) نقله عنهم الفاضل الدواليبي ص 204 من كتابه أصول الفقه (منه قدس).
(2) فيما نقله عنهم الفاضل الدواليبي ص 206 من كتابه أصول الفقه (منه قدس).
(3) نقل ذلك عنهم الفاضل الدواليبي ص 207 من كتابه أصول الفقه (منه قدس).
(4) راجع من تفسير أبي السعود ما هو موجود في أول ص 150 من هامش الجزء الخامس من تفسير الرازي تجد دعوى الإجماع. وراجع ص 502 من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة الذي أخرجته وزارة الأوقاف المصرية تحقيقا لرجاء الملك فؤاد الأول - تجد القول بأن المؤلفة قلوبهم منعوا من الزكاة في خلافة الصديق مرسلا ذلك أرسال المسلمات (منه قدس).
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»