النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٧
في تأمير أسامة، وتثاقلوا عن السير معه فلم يبرحوا من الجرف حتى لحق النبي بربه، فهموا حينئذ بالغاء البعث وحل اللواء تارة، وبعزل أسامة أخرى، ثم تخلف منهم عن الجيش وفي أولهم أبو بكر وعمر (57).
فهذه خمسة أمور في هذه السرية، لم يتعبدوا فيها بالنصوص الجلية، إيثارا لرأيهم في الأمور السياسية، وترجيحا لاجتهادهم فيها على التعبد بنصوصه صلى الله عليه وآله اعتذر عنهم شيخ الإسلام البشري في بعض مراجعاتنا معه فقال: " نعم كان رسول الله عليه السلام قد حضهم على تعجيل السير في غزوة أسامة، وأمرهم بالإسراع كما ذكرت، وضيق عليهم في ذلك حتى قال لأسامة حين عهد إليه: اغز صباحا على أهل أبني، فلم يمهله إلى المساء، وقال له: أسرع السير فلم يرض منه إلا بالإسراع، لكنه عليه السلام تمرض بعد ذلك بلا فصل فثقل حتى خيف عليه، فلم تسمح نفوسهم بفراقه وهو في تلك الحال، فتربصوا ينتظرون في الجرف ما تنتهي إليه حاله.
وهذا من وفور إشفاقهم عليه، وولوع قلوبهم به، ولم يكن لهم مقصد في تثاقلهم إلا انتظار إحدى الغايتين، أما قرة عيونهم بصحته، وأما الفوز بالتشرف بتجهيزه، وتوطيد الأمر لمن يتولى عليهم من بعده، فهم معذورون

(57) ولا كان في بعث ابن زيد مؤمرأ * عليه ليضحى لابن زيد مؤمرا - ولا كان يوم الغار يهفو جنانه * حذارا ولا يوم العريش تسترا - ولا كان معزولا غداة براءة * ولا في صلاة أم فيها مؤخرا - فتى لم يعرق فيه تيم ابن مرة * ولا عبد اللات الخبيثة أعصرا - إمام هدى بالقرص آثر فاقتضى * له القرص رد القرص أبيض أزهرا - يزاحمه جبريل تحت عباءة * لها قيل كل الصيد في جانب الفرا - لابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي (منه قدس) تخلف أبي بكر وعمر عن جيش أسامة معلوم بالوجدان بعد أن دل عليه التاريخ.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»