النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٤٦
جعله القرآن الكريم بنصه الصريح حقا مفروضا للمؤلفة قلوبهم، إيثارا لرأي رآه في ذلك، ثم اعتذر عن الخليفة.
فقال: " وليس معنى ذلك إن عمر قد أبطل أو عطل نصا قرآنيا، ولكنه نظر إلى علة النص لا إلى ظاهره، واعتبر إعطاء المؤلفة قلوبهم معللا بظروف زمنية أي موقتة وتلك هي تألفهم واتقاء شرهم عندما كان الإسلام ضعيفا، فلما قويت شوكة الإسلام وتغيرت الظروف الداعية للعطاء، كان من موجبات النص ومن العمل بعلته (1) أن يمنعوا من هذا العطاء ".
قلت: لا يخفى أن النص على إعطائهم مطلق، وإطلاقه جلي في الذكر الحكيم وهذا مما لا خلاف ولا شبهة فيه، وليس لنا أن نعتبره مقيدا - والحال هذه - أو معللا بشئ ما إلا بسلطان من الله تعالى أو من رسوله، وليس ثمة من سلطان (2).
فمن أين لنا أن نعتبر إعطاءهم معللا بظروف زمنة موقتة، هي تألفهم حينما كان الإسلام ضعيفا دون غيره من الأزمنة؟.
على أنا لو أمنا من شر المؤلفة قلوبهم في عهد ما فإن دخولهم في الإسلام

(1) لا علة هنا يدور الحكم مدارها وجودا وعدما، ليكون الأخذ بها من موجبات النص، فإن تألف من جعل الله لهم هذا السهم في الصدقات ليس بعلة للحكم الشرعي، وإنما هو من الحكم والمصالح التي لوحظت في اشتراعه والأصوليون يعلمون أن العلة في الحكم شئ والحكمة التي هي المصلحة في اشتراعه شئ آخر. ألا ترى أن المصلحة في وجوب العدة على المطلقات المدخول بهن إنما هي حفظ أنساب الأجنة اللواتي قد يكن في أرحامهن؟!. ومع ذلك فعدة المدخول بها منهن مما لا بد منه إجماعا حتى لو علم عدم حملها! (منه قدس).
(2) ونزول النص في أول الإسلام وعندما كان الإسلام ضعيفا ليس من تقييده في شئ كما لا يخفى (منه قدس).
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»