النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٤٤
فعله عمر (65).
فاستقر الأمر لدى الخليفتين، ومن يرى رأيهما من منع المؤلفة قلوبهم من سهمهم هذا، وصرفه إلى من عداهم من الأصناف المذكورين في الآية.
ولبعض فضلاء الأصوليين هنا كلام يجدر بنا نقله وتمحيصه لما في ذلك من الفوائد.

(٦٥) تجد هذه القضية بألفاظها في كتاب الجوهرة النيرة على مختصر القدوري في الفقه الحنفي ص ١٦٤ من جزئه الأول. وقد ذكرها غير واحد من أثباتهم في مناقب الخليفتين وخصائصهما.
وكم لعمر من قضايا تشبه قضيته هذه، فمنها ما ذكره المؤرخون إذ قالوا: جاء عيينة بن حصن والأقرع بن حابس إلى أبي بكر فقالا له: إن عندنا أرضا سبخة ليس فيها كلا ولا منفعة قال رأيت أن تقطعناها لعل الله ينفع بها بعد اليوم فقال أبو بكر لمن حوله: ما تقولون؟ فقالوا: لا بأس فكتب لهم كتابا بها، فانطلقا إلى عمر ليشهد لهم ما فيه، فأخذه منهم ثم تفل فيه فمحاه، فتذمرا وقالا له مقالة سيئة، ثم ذهبا إلى أبي بكر وهما يتذمران. فقالا: والله ما ندري أأنت الخليفة أم عمر؟!. فقال: بل هو، وجاء عمر حتى وقف على أبي بكر وهو مغضب. فقال: أخبرني عن هذه الأرض التي أقطعتها هذين أهي لك خاصة أم بين المسلمين؟؟ فقال: بل بين المسلمين. فقال: ما حملك على أن تخص بها هذين؟ قال: استشرت الذين حولي. فقال: أو كل المسلمين وسعتهم مشورة ورضى؟
فقال أبو بكر (رضي): فقد كنت قلت لك إنك أقوى على هذا الأمر مني لكنك غلبتني.
نقل هذه القضية ابن أبي الحديد في الجزء الثاني عشر من شرح النهج في ص ١٠٨ من المجلد الثالث. والعسقلاني في ترجمة عيينة من إصابته وغيرهما.
وليتهما يوم السقيفة وسعا كل المسلمين مشورة، ويا حبذا لو تأنيا حتى يفرغ بنو هاشم من أمر النبي صلى الله عليه وآله ليحضروا الشورى، فإنهم أولى الأمة بذلك (منه قدس).
عمر يمنع سهم المؤلفة:
راجع: تفسير المنار ج 10 / 496، الدر المنثور للسيوطي ج 3 / 252.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»