النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٤٣
في الزكاة إذ يقول عز وجل (1): (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم).
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعطي المؤلفة قلوبهم هذا السهم من الزكاة وهم أصناف، فمنهم إشراف من العرب كان صلى الله عليه وآله يتألفهم ليسلموا فيرضخ لهم، ومنهم قوم أسلموا ونياتهم ضعيفة فيؤلف قلوبهم بإجزال العطاء، كأبي سفيان، وابنه معاوية، وعيينة بن حصن، والأقرع ابن حابس، وعباس بن مرداس ومنهم من يترقب - بإعطائهم - إسلام نظرائهم من رجالات العرب، ولعل الصنف الأول كان يعطيهم الرسول صلى الله عليه وآله من سدس الخمس الذي هو خالص ماله، وقد عد منهم من كان يؤلف قلبه بشئ من الزكاة على قتال الكفار (64) هذه سيرته المستمرة مع المؤلفة قلوبهم منذ نزلت الآية الحكيمة عليه صلى الله عليه وآله حتى لحق بالرفيق الأعلى، ولم يعهد إلى أحد من بعده بإسقاط هذا السهم إجماعا من الأمة المسلمة كافة وقولا واحدا.
لكن لما ولي أبو بكر جاء المؤلفة قلوبهم لاستيفاء سهمهم هذا جريا على عادتهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله فكتب أبو بكر لهم بذلك، فذهبوا بكتابه إلى عمر ليأخذوا خطه عليه فمزقه وقال: لا حاجة لنا بكم فقد أعز الله الإسلام وأغنى عنكم، فإن أسلمتم وإلا السيف بيننا وبينكم، فرجعوا إلى أبي بكر، فقالوا له: أنت الخليفة أم هو؟. فقال: بل هو إن شاء الله تعالى وأمضى ما

(١) هي الآية ٦١ من سورة التوبة (منه قدس).
(٦٤) المؤلفة قلوبهم من قبل الرسول صلى الله عليه وآله:
راجع: تفسير القرطبي ج ٨ / 179 - 180، فتح القدير للشوكاني ج 2 / 355، الدر المنثور للسيوطي ج 3 / 251.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»