علي بن أبي طالب بعد نبينا بمنزلة هارون من موسى.
فقال لها عمرو بن العاص: كفي أيتها العجوز الضالة، واقصري عن قولك مع ذهاب عقلك، فقالت:
وأنت يا ابن النابغة (1)، تتكلم وأمك كانت أشهر بغي بمكة، وأرخصهن أجرة، فادعاك خمسة من قريش، كل يقول هو لي، فسئلت أمك عن ذلك، فقالت: كلهم أتاني فانظروا أيهم أقرب شبها به وكان أقربهم شبها بك العاص بن وائل فألحقوك به.
فقال لها معاوية عفى الله عما سلف، هاتي حاجتك، فقالت: أريد ألفي دينار اشتري بها فوارة في أرض خوارة تكون لفقراء بني الحارث بن عبد المطلب، وألفي دينار أخرى أزوج بها فقراء بني الحارث، وألفي دينار أخرى، أستعين بها على شدة الزمان، فأعطاه ستة آلاف دينار وانصرفت (2)، وذكر هذه الحكاية أيضا بعينها أبو الفداء إسماعيل في المختصر (3).
وبالجملة فمطاعن هذا الشقي كثيرة لا يمكن استيفاؤها ويكفيه ما وقع منه في مقاتلته لنفس رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ومن حربه حربه، وسلمه سلمه، وما تواتر منه من معاداته أولياء الله وموالاته أعداء الله، وكونه من القاسطين ومن الفئة الباغية بنص النبوي المتواتر بين الفريقين في حق عمار وغير ذلك.
ومما يقضي منه العجب أن جماعة من أساطينهم وأعيانهم رووا في حق هذا الملحد الكافر الملعون أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مما تدل على صلاحه