ينبغي لك أن تتكلم بفيك كلمة، أتدري من كان يتكلم بفيه كله؟ عمر بن الخطاب، كان يعدل في رعيته، ويجوز على نفسه، ويطعمهم الطيب ويأكل الغليظ، ويكسوهم اللين ويلبس الخشن، ويعطيهم الحق ويزيدهم ويمنع ولده وأهله، أعطى رجلا عطاءه أربعة آلاف درهم ثم زاده ألفا، فقيل له: ألا تزيد ابنك عبد الله كما تزيد هذا؟ فقال: إن هذا ثبت أبوه يوم أحد، وإن عبد الله فر أبوه ولم يثبت (1). انتهى.
وروى هذا الخبر الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار في باب العدل والاتصاف (2).
وبالجملة فرار عمر يوم أحد بين مذكور في السير والروايات، مشهور كالشمس في رابعة النهار، وكاد أن يلحق بالضرورات، والانكار لما يجري هذا المجرى لا يغني شيئا.
وروى ابن الأثير في كتابه جامع الأصول في غزوة حنين من كتاب الغين، خبرا طويلا عن أبي قتادة وفيه ما هذا لفظه: وانهزم المسلمون وانهزمت معهم، فإذا بعمر بن الخطاب في الناس، فقلت له: ما شأن الناس؟
قال: أمر الله، ثم تراجع الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله (3). انتهى.
قال السيوطي في تفسيره: أخرج ابن الضريس، عن الحسن: ان عمر بن الخطاب قال: يا رسول الله إن أهل الكتاب يحدثونا بأحاديث قد أخذت بقلوبنا وقد هممنا أن نكتبها، فقال: " يا ابن الخطاب امتهوكون (4) أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟! أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولكنني أعطيت جوامع الكلم " (5).