وأوضح بها الدقايق الفرعية.
وكان يسأل عما يشتبه عليه، ويبحث فيما عليه، ويبحث فيما يحتاج البحث إليه، سؤالا وبحثا يشهدان له بأنه من أهل التحقيق، ومن ذوي الفهم والتدقيق.
فلما بلغ مبتغاه، ووصل إلى منتهاه، التمس مني إجازة له فيما قرأه من المتن والحواشي، كما هو عادة المدرسين، وقاعدة المذاكرين، فأجزت له دامت أيامه في رواية ذلك عني وفي لعمل به لنفسه ولمن نقل بواسطته ذلك مني إجازة تسلطه على ذلك تسلط المجاز له على ما أجيز له، وأجزت له زيدت معاليه أن يجيز ذلك لمن عرف أنه من أهل التقوى والصلاح من خاصته، والملازمين له.
وأجزت له التدريس في ذلك وتقرير المعنى لأنه قد استولى على ذلك علما وفهما وأجزت له رفعت معاليه أن يجيز ذلك لمن يقرأ عليه ممن يعرف أن ه من أهل ذلك فإنه أهل لذلك، وأهل أن يعرف من هو أهل لذلك، ومن يجوز له إجازة ذلك مراعيا في جميع ذلك الاحتياط فما ضل عن الصراط من سلك سبيل الاحتياط.
وليعلم أمدت ميامنه أن الإجازة كما تقرر في الأصول هي من أقسام الرواية وهي آخر مراتبها في القوة، إلا أنها أعم فائدة وأكمل عائدة.
أما إنها آخر مراتب الرواية في القوة، لأن أعلى مراتب الرواية أن يسمع الراوي قراءة الشيخ، وذلك لأمنه حينئذ من الغلط لو كان هو القاري، لاحتمال الغفلة في السماع، ويليها قراءة الراوي وسماع المروي عنه، ويليهما قراءة غيرهما و سماع الراوي القراءة إلى أن ينتهي إلى الإجازة ولا يفتقر إلى شئ من ذلك، بل يتسلط المجاز له على ما أجيز له فيه أن يرويه عمن أجازه له رواية لفظ لا رواية معنى، لأن المجيز لم يقرر له معنى ما أجيز له فيه ويكون المعنى موكولا إلى ما يصح الاعتماد عليه في معرفته بالدلالات الثلاث، وما يتبعها من المفهومات.
وليست هذه الإجازة مفيدة للعمل للمجاز له، فضلا عن غيره ممن يأخذ عنه بل إنما تفيد التسلط على رواية الألفاظ خاصة، كيف لا، والمجاز يشتمل على راجح ومرجوح، والراجح مما يجب العمل به إجماعا، والمرجوح لا يجوز العمل