كتب الفتاوي.
هذا إجمال بحث الإجازة، وأما إجازة ما قرء وعلم معناه من الشيخ المقر وعليه فإنها إجازة رواية وعمل لمن أجيز له ولمن يجيز له من أجيز له.
ثم إن ما قرأ وعرف معناه إن كان كتب الأحاديث فالأحاديث ثابتة لا دخل لحياة المجيز في صحتها وفسادها، ولا في مماته، فان من روى أن فلانا قال كذا لا يبطل ذلك بموته، بل إنما يتعلق بروايته احتمال الصدق والكذب، فإن كان عدلا فالرواية صحيحة، وإن كان فيها وسائط وكانوا جميعا عدولا فالرواية صحيحة أيضا، وإن كانوا أو أحدهم ممدوحا مدحا لا يصل إلى العدالة، فالرواية حسنة، وإن كان فيهم مخالف للدين الحق فإن كان عدلا في مذهبه موثوقا بأمانته وعدم كذبه فالرواية موثقة، وإلا فضعيفة، و - ذا لو كان فيهم مجهول أو مجروح، فان الرواية توصف بالضعف، وإن كان سواه من الرواة عدولا.
وإن كان من كتب الفتاوى فالفتوى إن كان إجماعا تسلط الراوي على الرواية والعمل له ولغيره بحسب الإجازة مطلقا وفي حكمه ما كان الخلاف شاذا لا اعتبار به أو منقرضا بتجدد الاجماع بعده، فالأول كقول ابن أبي عقيل بأن قليل الماء ككثيره في الطهارة والتطهير من غير فرق بين ورود النجاسة عليه ووروده عليها، والثاني كقول صاحب الفاخر بوجوب السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فان الاجماع بعده على عدم الوجوب والاستحباب، بل الاجماع سبقه أيضا على ذلك، وإنما أفتى به لعدم وصول الاجماع إليه، ومنه يعرف تهافت ميل من مال إليه كالشيخ المقداد في التنقيح.
وإن كان الفتوى موضوع خلاف مشهور من الطرفين، أولم يبلغ غير المشهور إلى حد ما ذكرناه بتلك الفتوى يصح العمل بها لمن أجيز له فيها ولمن يأخذ منه وعنه مشافهة أو بواسطة وإن تعددت، ما دام المجتهد المفتى حيا فإذا مات فلا عمل بها من حيث فتواه، لأن الميت لا حكم لفتواه في العمل بالنسبة إليه، لأن الميت لا قول له، ولا يحل تقليده، وإن كان مجتهدا كما صرح به المصنف في الارشاد