اللهم إني أسئلك سؤال من لم يجد لسؤاله مسؤولا غيرك، وأعتمد عليك اعتماد من لم يجد لاعتماده معتمدا سواك، لأنك الأول الأولى الذي ابتدأت الابتداء، وكونته باديا بلطفك فاستكان على سنتك وأنشأتها كما أردت باحكام التدبير، وأنت أجل وأحكم وأعز من أن تحيط العقول بمبلغ علمك ووصفك أنت القائم الذي لا يلحك إلحاح الملحين عليك، فإنما أنت تقول للشئ كن فيكون، أمرك ماض، ووعدك حتم، لا يعزب عنك شئ، ولا يفوتك شئ، وإليك ترد كل شئ، وأنت الرقيب علي.
إلهي أنت الذي ملكت الملوك، فتواضعت لهيبتك الأعزاء، ودان لك بالطاعة الأولياء، واحتويت بالهيتك على المجد والسناء، وأنت علام الغيوب، إلهي إن كنت اقترفت ذنوبا حالت بيني وبينك باقترافي إياها فأنت أهل أن تجود علي بسعة رحمتك، وتنقذني من أليم عقوبتك، إلهي إني أسئلك سؤال ملح لا يمل دعاء ربه، وأتضرع إليك تضرع غريق رجاك لكشف ما به، وأنت الرؤف الرحيم.
إلهي ملكت الخلائق كلهم، وفطرتهم أجناسا مختلفات ألوانهم حتى يقع هناك معرفتهم لبعضهم بعضا، تباركت وتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا كما شئت، فتعاليت عن اتخاذ وزير، وتعززت عن مؤامرة شريك، وتنزهت عن اتخاذ الأبناء، وتقدست عن ملامسة النساء، فليست الابصار بمدركة لك، ولا الأوهام واقعة عليك، فليس لك شبيه ولا ند ولا عديل، وأنت الفرد الواحد الاحد الأول الاخر القائم الاحد الدائم الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له له كفوا أحد.
يا من ذلت لعظمته العظماء، ومن كلت عن بلوغ ذاته ألسن البلغاء، ومن تضعضعت لهيبته رؤوس الرؤساء، وقد استحكمت بتدبيره الأشياء، واستعجمت عن بلوغ صفاته عبارة العلماء، أنت الذي في علوه دان، وفي دنوه عال، أنت أملي سلطت الأشياء علي بعد إقراري لك بالتوحيد، فيا غاية الطالبين، وأمان الخائفين وغياث المستغيثين، وأرحم الراحمين، صل على محمد وآل محمد، واجعلني من