واعلموا أيها المؤمنون أن الله عز وجل قال: " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص " (1) أتدرون ما سبيل الله؟ ومن سبيله؟ و من صراط الله؟ ومن طريقه؟ أنا صراط الله الذي من لم يسلكه بطاعة الله فيه هوى به إلى النار، وأنا سبيله الذي نصبني للاتباع بعد نبيه صلى الله عليه وآله أنا قسيم النار (2) أنا حجته على الفجار، أنا نور الأنوار.
فانتبهوا من رقدة الغفلة، وبادروا بالعمل قبل حلول الأجل، وسابقوا إلى مغفرة من ربكم قبل أن يضرب بالسور بباطن الرحمة وظاهر العذاب، فتنادون فلا يسمع نداؤكم، وتضجون فلا يحفل بضجيجكم، وقبل أن تستغيثوا فلا تغاثوا سارعوا إلى الطاعات قبل فوت الأوقات، فكأن قد جاءكم هادم اللذات، فلا مناص نجاء، ولا محيص تخليص.
عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم، والبر بإخوانكم والشكر لله عز وجل على ما منحكم، واجتمعوا يجمع الله شملكم، وتباروا يصل الله ألفتكم، وتهانؤا نعمة الله كما هناكم الله بالثواب فيه على أضعاف الأعياد قبله وبعده، إلا في مثله، والبر فيه يثمر المال ويزيد في العمر، والتعاطف فيه يقتضي رحمة الله وعطفه، وهبوا لإخوانكم وعيالكم من فضله بالجهد من جودكم، وبما تناله القدرة من استطاعتكم، وأظهروا البشر فيما بينكم، والسرور في ملاقاتكم، والحمد لله على ما منحكم، وعودوا بالمزيد من الخير على أهل التأميل لكم وساووا بكم ضعفاءكم في مآكلكم، وما تناله القدرة من استطاعتكم، على حسب إمكانكم، فالدرهم فيه بمائتي ألف درهم، والمزيد من الله عز وجل.
وصوم هذا اليوم مما ندب الله إليه، وجعل الجزاء العظيم كفالة عنه، حتى لو تعبد له عبد من العبيد في الشيبة من ابتداء الدنيا إلى انقضائها، صائما نهارها قائما ليلها، إذا أخلص المخلص في صومه، لقصرت إليه أيام الدنيا عن كفايته، ومن