بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٤ - الصفحة ١١٥
فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله في يوم الدوح (1) ما بين به عن إراداته في خلصائه وذوي اجتبائه، وأمره بالبلاغ وترك الحفل بأهل الزيغ والنفاق، وضمن له عصمته منهم، وكشف من خبايا أهل الريب، وضمائر أهل الارتداد ما رمز فيه، فعقله المؤمن والمنافق فأعن معن (2) وثبت على الحق ثابت، وازدادت جهالة المنافق وحمية المارق ووقع العض على النواجد والغمر على السواعد، ونطق ناطق و نعق ناعق ونشق ناشق واستمر على ما رقيته مارق، ووقع الاذعان من طائفة باللسان دون حقائق الايمان، ومن طائفة باللسان وصدق الايمان.
فكمل الله دينه، وأقر عين نبيه والمؤمنين والمتابعين، وكان ما قد شهده بعضكم وبلغ بعضكم، وتمت كلمة الله الحسنى على الصابرين، ودمر الله ما صنع فرعون وهامان وقارون وجنوده وما كانوا يعرشون.
وبقيت حثالة (3) من الضلال لا يألون الناس خبالا (4) يقصدهم الله في ديارهم، ويمحو آثارهم ويبيد معالمهم، ويعقبهم عن قرب الحسرات، ويلحقهم بمن بسط أكفهم، ومد أعناقهم، ومكنهم من دين الله حتى بدلوه، ومن حكمه حتى غيروه، وسيأتي نصر الله على عدوه لحينه، والله لطيف خبير، وفي دون ما سمعتم كفاية وبلاغ، فتأملوا رحمكم الله ما ندبكم الله إليه وحثكم عليه، و اقصدوا شرعه، واسلكوا نهجه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله.

(1) يعنى يوم غدير خم، أمر صلى الله عليه وآله بقم ما كان تحت الدوح فقم ما كان ثمة من الشوك والحجارة، قال الشاعر:
ويوم الدوح دوح غدير خم * أبان له الولاية لو أطيعا (2) أعن: أي أعرض وانصرف.
(3) الحثالة في الأصل ما يسقط من قشر الشعير والأرز والتمر، ويطلق على سفلة الناس ورذالهم. والضلال: جمع ضال.
(4) الخبال: الفساد والعناء والشر، ولا يألونكم خبالا: أي لا يقصرون في أمركم الفساد والشر والشقة.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست