الطوال سابعتها الأنفال والتوبة لأنهما في حكم سورة، أو الحواميم السبع وقيل سبع صحائف هي الاسباع والمثاني (1) من التثنية أو الثناء فان كل ذلك مثنى تكرر قراءته أو ألفاظه أو قصصه ومواعظه ومثنى عليه بالبلاغة والاعجاز، ومثن على الله
(١) الأصل في ذلك قوله عز وجل: " الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله " الزمر: ٢٣ فوصف القرآنالعزيز بأنه أحسن حديث يتلى على رؤس الاشهاد فيأخذ بمسامعهم وقلوبهم وأنه كتاب متشابه أي ذو آيات متشابهة متماثلة لا تفترق بين آية وآية أخرى لا من حيث جزالة اللفظ وسلاستها ولا من حيث غور المعاني ونفوذها في أعماق الروح.
ثم ذكر أنه مثاني أي تثنيت آياتها وازدوج بينها من حيث الوزن في طول الآيات وقصرها، ورؤس الاى وتناسبها، حتى أنه تتناسب كل كلمة وما بعدها لا يوجد بينهما منافرة.
وهذا وجه خاص بالقرآن الكريم وأسلوبه البديع الحكيم، جمع به بين طنطنة الخطب وجزالة الشعر وطمأنينة السجع من دون أن يكون بنفسه خطبة أو شعرا أو سجعا وإذا قرئ حق قراءته بالغناء الطبيعي أخذ بمسامع القلب والحواس ونفذ في أعماق الروح، واقشعر الجلد وخضعت الأعناق وخشعت الأعضاء وسكنت الأجراس، وألقيت السكينة على سامعه كأنه مسحور، وعلى هذا تكون " من " في قوله عز وجل: " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم " تبعيضية والمعنى آتيناك سبعا من الآيات المثاني المزدوجة بعضها مع بعض كما آتيناك القرآن العظيم، فقد من عليه صلى الله عليه وآله باعطائه هذه السبع كمنته عليه باعطاء القرآن العظيم، ولازمه أن تكون هذه السبع آيات قرآنا برأسه تاما الا أنه قرآن صغير، و لذلك وجب قراءتها في الصلاة على ما عرفت في ج ٨٥ ص ٥ و ٢٢.
وإنما قلنا بأن هذه السبع آيات هي سورة الفاتحة، لأنها سبع آيات مزدوجة لا ترى في القرآن غيرها كذلك: ولما كانت البسملة جزءا منها سميت بفاتحة الكتاب أيضا وجعلت في أول القرآن الكريم وهذه صورة تناسب الآيات وازدواج رؤسها:
بسم الله الرحمن الرحيم - الحمد لله رب العالمين.
الرحمن الرحيم - مالك يوم الدين - إياك نعبد وإياك نستعين.
اهدنا الصراط المستقيم - صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
هذا في سورة الفاتحة فقط، وأما في سائر السور الكريمة، فالبسملة خارجة عن تناسب الآي ورديفها، ولذلك صارت مفتاحا لقراءتها من دون أن يكون جزءا لها على ما عرفت بشرح ذلك في ج 85 ص 22.