النواهي التي هي تكاليف شاقة ثقيلة على المكلفين خاصة عليه صلى الله عليه وآله لأنه متحملها بنفسه ومحملها لامته فهي أثقل عليه وأبهظ له، فيحتاج في ضبط ذلك وتأديته إلى قيام الليل، وقيل أراد بهذا الاعتراض أن ما كلفه من قيام الليل من جملة التكاليف الثقيلة الصعبة التي ورد بها القرآن، لأن الليل وقت السبات والراحة، فلا بد لمن أحياه من مضادة لطبعه ومجاهدة لنفسه، ويؤيده ما ذكره (1) علي بن إبراهيم في تفسيره " سنلقي عليك قولا " ثقيلا " قال: قيام الليل، وهو قوله: " إن ناشئة الليل هي أشد وطا " وأقوم قيلا " قال: أصدق القول انتهى.
وقيل: نزوله أو تلقيه، لما روي أنه صلى الله عليه وآله كان يتغير حاله عند نزوله ويعرق وإذا كان راكبا " تبرك راحلته ولا تستطيع المشي، وقيل ثقيلا " في الميزان وقيل على المنافقين وقيل كلام له وزن ورجحان فيحتاج إلى مزيد تدبر وتأمل ووقت لائق بذلك فلا بد من قيام الليل.
" إن ناشئة الليل هي أشد وطأ " وأقوم قيلا " ناشئة الليل النفس التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة، أي تنهض وترتفع من نشأت السحابة إذا ارتفعت، ونشأ من مكانه إذا نهض، أو قيام الليل على أن الناشئة مصدر من نشأ إذا قام ونهض، ويؤيده ما صح عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: هي قيام الرجل عن فراشه لا يريد به إلا الله (2) كما سيأتي، وإن احتمل معنى آخر.
وقال الطبرسي - رحمة الله عليه (3) معناه: ساعات الليل لأنها تنشؤ ساعة بعد ساعة، وتقديره إن ساعات الليل الناشئة، وقال ابن عباس: هو الليل كله لأنه ينشؤ بعد النهار، وقال مجاهد: هي ساعات التهجد من الليل، وقيل هي بالحبشية قيام الليل، وقيل هي القيام بعد النوم، وقيل هي ما كان بعد العشاء الآخرة عن الحسن وقتادة، والمروي عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام أنهما قالا: هي