فيمكن أن تكون هذه الآية إشارة إلى وجوب صلاة الليل عليه صلى الله عليه وآله وسلم كقوله تعالى:
" ومن الليل فتهجد به نافلة لك " أي يجب عليك التهجد، وهو الصلاة بالليل زيادة على باقي الصلوات، مخصوصة بك دون أمتك، على ما قيل، ويكون المراد بالترخص المفهوم من قوله تعالى في آخر هذه السورة " فاقرؤا ما تيسر من القرآن " وقوله: " فاقرؤا ما تيسر منه " التخفيف في الوقت لا إسقاط الصلاة بالكلية على تقدير كون المراد بالقراءة الصلاة وأما على تقدير حملها على القراءة فقط فيلزم السقوط بالكلية فيمكن حملها على عدم القدرة فتأمل.
وعن ابن عباس تكون مندوبة على الأمة لدليل الاختصاص من الاجماع و ظاهر الآية والأخبار والأصل انتهى كلامه رفع الله مقامه.
وأقول: الاحتمال الأخير ليس بذلك البعد، والاستثناء هنا قرينة الاستغراق فيكون نظير ما مر في الخبر في قوله سبحانه: " وكانوا قليلا " من الليل ما يهجعون " وروى الشيخ في التهذيب (1) بسند صحيح على الظاهر عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله تعالى: " قم الليل إلا قليلا " قال أمره الله أن يصلي كل ليلة إلا أن يأتي عليه ليلة من الليالي لا يصلي فيها شيئا "، وعدم الاحتياج إلى الاستثناء غير معلوم، إذ يحتمل أن يكون المراد الأعذار القليلة التي لا يدل العقل والنقل على استثنائها مع أن دلالة العقل والعمومات لا ينافي حسن التنصيص لمزيد التوضيح، وللتأكيد فيما سواها، ويكون حاصل الكلام قم في جميع أفراد الليالي للعبادة إلا قليلا " من الليالي تكون فيها معذورا "، ولما كان قيام الليل مجملا " يحتمل كله و بعضه، بين ذلك بأن المراد قيام نصف الليل أو أقل منه بقليل أو أزيد منه.