من النيران، يا نوف إنه ليس من رجل أعظم منزلة عند الله من رجل بكى من خشية الله، وأحب في الله، وأبغض في الله، يا نوف إنه من أحب في الله لم يستأثر على محبته، ومن أبغض في الله لم ينل مبغضيه خيرا، عند ذلك استكملتم حقائق الايمان.
ثم وعظهما وذكرهما وقال في أواخره: فكونوا من الله على حذر فقد أنذرتكما ثم جعل يمر وهو يقول: ليت شعري في غفلاتي أمعرض أنت عني أم ناظر إلي وليت شعري في طول منامي وقلة شكري في نعمتك علي ما حالي " قال: فوالله ما زال في هذه الحال حتى طلع الفجر ومن صفات مولانا علي عليه السلام في ليله ما ذكره نوف لمعاوية بن أبي سفيان وأنه ما فرش له فراش في ليل قط ولا أكل طعاما " في هجير قط وقال نوف: أشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، وهو قابض بيده على لحيته يتململ تململ السليم، ويبكى بكاء الحزين والحديث مشهور (1).
بيان: " لم يستأثر " حال أو صلة بعد صلة " لمن " أي لم يختر شيئا " على محبة الله وكذا " لم ينل " يحتمل الوجهين أي لم يوصل خيرا " إلى من أبغض الله، وجزاء الشرطين عند ذلك " استكملتم " وفيه التفات.
10 - الذكرى: روى ابن أبي قرة باسناده إلى إسحاق بن حماد، عن إسحاق ابن عمار قال: لقيت أبا عبد الله عليه السلام بالقادسية عند قدومه على أبي العباس فأقبل حتى انتهينا إلى طراباد، فإذا نحن برجل على ساقية يصلي وذلك عند ارتفاع النهار فوقف عليه أبو عبد الله عليه السلام فقال: يا عبد الله أي شئ تصلي؟ فقال: صلاة الليل، فاتتني أقضيها بالنهار، فقال: يا معتب حط رحلك حتى نغتدي مع الذي يقضي صلاة الليل فقلت: جعلت فداك تروي فيه شيئا "؟ فقال:
حدثني أبي عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله يباهي بالعبد يقضي صلاة الليل بالنهار، يقول: ملائكتي عبدي يقضي ما لم أفترضه عليه، اشهدوا أني