(اللهم اهدني فيمن هديت) أي كما هديت جماعة فاهدني فأكون في زمرتهم، فيكون تأكيدا للطلب، أو لبيان أني لا أستحق هذه النعمة الجليلة مستقلا بل أرجو أن أكون سهيم نعمتهم وشريك كرامتهم، والمراد اهدني بالهدايات الخاصة التي هديت بها جماعة من أوليائك، فيكون الغرض تخصيص الهداية بأفضلها وأكملها، وكذا البواقي (وتولني) أي تول أموري أو أحبني (وبارك لي فيما أعطيت) من العمر والمال والتوفيق بالزيادة كما وكيفا.
(تم نورك فهديت) أي لما كانت كمالاتك وأنوارك تامة هديت عبادك إليك ليعرفوك، ويومئ إلى أن الهداية لا تكون إلا ممن كان كاملا من جميع الجهات (وبسطت يدك) أي لما كنات كريما جوادا فياضا أعطيت كلا من المخلوقين ما كان قابلا له، فالفاء فيهما وفيما بعدهما سببية، ويحتمل أن يكون هنا للترتيب الذكرى كما في قوله تعالى ﴿فأزلهما الشيطان فأخرجهما﴾ (١) ﴿ونادى نوح ربه فقال﴾ (2).
(واسترني منك بالعافية) لعله إشارة إلى أن الستر من الله لا يكون إلا بالعافية من الذنوب، إذ مع ثبوتها يعلمها البتة، أو المعنى استرني بعافية كائنة منك وبلطفك، وقال الجوهري: الحزانة بالضم والتخفيف عيال الرجل الذين يتحزن بأمرهم انتهى، فإضافة الأهل إليه بيانية (وذمتك) أي عهدك وكفالتك، وفي القاموس الجوار بالكسر أن تعطي الرجل ذمة فيكون بها جارك فتجيره، وجاوره مجاورة و جوارا وقد يكسر صار جاره.
وقال في النهاية: (اللهم إني أدرء بك في نحورهم) أي أدفع بك في نحورهم لتكفيني أمرهم، وإنما خص النحور لأنه أسرع وأقوى في الدفع والتمكن من المدفوع، وقال الشيخ البهائي قدس سره: قد ضمن أدرأ معنى أضرب أو أطعن، فقال في نحور أعدائي انتهى، وأقول: الباء إما زائدة أو المعنى أرفع كيدي في نحورهم بحولك وقوتك، كما ورد (ورد كيدهم في نحرهم).