وتقلع عيناه، وتقطع أذناه، إلى غيرها من الأعضاء، فإن ذلك الانسان يجد من قلبه وعقله أنه هو عين ذلك الانسان من غير تفاوت البتة، حتى أنه يقول: أنا ذلك الانسان الذي كنت موجودا قبل ذلك، إلا أنهم قطعوا يدي ورجلي، وذلك برهان يقيني على أن ذلك الانسان شئ مغائر لهذه الأعضاء والأبعاض، وذلك يبطل قول من يقول:
الانسان عبارة عن هذه البنية المخصوصة.
الثالث عشر: أن القرآن والأحاديث يدلان على أن جماعة من اليهود قد مسخهم الله، وجعلهم في صورة القردة والخنازير، فنقول: ذلك الانسان هل بقي حال ذلك المسخ أولم يبق؟ فإن لم يبق كان هذا إماتة لذلك الانسان وخلق خنزير أو قردة وليس هذا من المسخ في شئ وإن قلنا: إن ذلك الانسان بقي حال حصول ذلك المسخ فنقول: فعلى هذا التقدير الانسان باق وتلك البنية وذلك الهيكل غير باق، فوجب أن يكون ذلك الانسان شيئا مغايرا لتلك البنية.
الرابع عشر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يرى جبرئيل في صورة دحية الكلبي وكان يرى إبليس في صورة الشيخ النجدي، فهنا بنية الانسان وهيكله وشكله حاصل مع أن الحقيقة (1) الانسانية غير حاصلة، وهذا يدل على أن الانسان ليس عبارة عن هذه البنية وهذا الهيكل.
الخامس عشر: أن الزاني يزني بفرجه ويضرب على ظهره، فوجب أن يكون الانسان شيئا آخر سوى الفرج وسوى الظهر، ويقال: إن ذلك الشئ يستعمل الفرج في عمل والظهر في عمل آخر، فيكون الملتذ والمتألم هو ذلك الشئ، إلا أنه يحصل اللذة بواسطة ذلك العضو ويتألم بواسطة الضرب على هذا العضو.
السادس عشر: أني إذا تكلمت مع زيد وقلت له: افعل كذا، ولا تفعل كذا!
فالمخاطب بهذا الخطاب والمأمور والمنهي ليس هو جبهة زيد ولا حدقته ولا أنفه ولا فمه ولا شئ من أعضائه بعينه، فوجب أن يكون المأمور والمنهي والمخاطب شيئا مغايرا لهذه الأعضاء، وذلك يدل على أن ذلك المأمور والمنهي غير هذا الجسد. فإن قالوا: