كون الانسان مغايرا لهذا البدن والدليل على صحة ما ذكرناه قوله تعالى: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون (1) " فهذا النص صريح في أن أولئك المقتولين أحياء، والحس يدل على أن هذا الجسد ميتة.
السادس: أن قوله تعالى: " النار يعرضون عليها غدوا وعشيا (2) وقوله:
" أغرقوا فادخلوا نارا (3) " يدل على أن الانسان حي بعد الموت، وكذلك قوله صلى الله عليه وآله " الأنبياء لا يموتون ولكن ينقلون من دار إلى دار " وكذلك قوله صلى الله عليه وآله: " القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران " وكذلك قوله صلى الله عليه وآله: " من مات فقد قامت قيامته " [وإن] كل هذه النصوص يدل على أن الانسان حي يبقى بعد موت الجسد وبديهة العقل والفطرة شاهدتان بأن هذا الجسد ميت، ولو جوزنا كونه حيا كان يجوز مثله في جميع الجمادات، وذلك عين السفسطة، وإذا ثبت أن الانسان حي ما كان الجسد ميتا لزم أن الانسان شئ غير هذا الجسد.
السابع: قوله صلى الله عليه وآله في خطبة طويلة له " حتى إذا حمل الميت على نعشه رفرف روحه فوق النعش ويقول: يا أهلي ويا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعت المال من حله ومن غير حله، فالمهنأ (4) لغيري والتبعة على، فاحذروا مثل ما حل بي " وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وآله صرح بأن حال كون الجسد محمولا على النعش بقي هناك شئ ينادي ويقول " يا أهلي ويا ولدي جمعت المال من حله و غير حله.. " ومعلوم أن الذي كان الأهل أهلا له، وكان الولد ولدا له، وكان جامعا للمال من الحرام والحلال، والذي بقي في ربقته الوبال، ليس إلا ذلك الانسان فهذا تصريح بأن في الوقت الذي كان الجسد ميتا محمولا على النعش كان ذلك الانسان حيا باقيا فاهما، وذلك تصريح بأن الانسان شئ مغائر لهذا الجسد والهيكل.