الحياة، ولم يكن للأرواح وجود، فإذا أحيى الله تعالى الأموات ابتدأ فيهم الحياة التي هي الروح. والحياة التي في الذوات الفعالة هي معنى يصحح العلم والقدرة. وهي شرط في كون العالم عالما والقادر قادرا، وليست من نوع الحياة التي تكون (1) ثم قال - قدس سره - حين سأل السائل: ما قوله - حرس الله تعالى عزه - في الانسان؟ أهو هذا الشخص المرئي المدرك على ما يذكره أصحاب أبي هاشم، أم جزء حال في القلب حساس دراك كما يحكى عن أبي بكر بن الأخشاد؟ والجواب: أن الانسان هو ما ذكره بنو نوبخت، وقد حكي عن هشام بن الحكم، والاخبار عن موالينا عليهم السلام تدل على ما أذهب إليه، وهي شئ قائم بنفسه لا حجم له ولا حيز، لا يصح عليه التركيب، ولا الحركة والسكون، ولا الاجتماع ولا الافتراق، وهو الشئ الذي كانت تسميه الحكماء الأوائل " الجوهر البسيط " وكذلك كل حي فعال محدث فهو جوهر بسيط، وليس كما قال الجبائي وابنه وأصحابهما أنه جملة مؤلفة، ولا كما قال ابن الأخشاد أنه جسم متخلخل في الجملة الظاهرة، ولا كما قال الأعوازي أنه جزء لا يتجزى.
وقوله (2) فيه قول معمر من المعتزلة وبني نوبخت من الشيعة على ما قدمت ذكره وهو شئ يحتمل العلم والقدرة والحياة والإرادة والكراهة والبغض والحب قائم بنفسه، محتاج في أفعاله إلى الآلة التي هي الجسد. والوصف له بأنه حي يصح عليه القول بأنه عالم قادر، وليس الوصف له بالحياة كالوصف للأجساد بالحياة حسب ما قد مناه، وقد يعبر عنه بالروح. وعلى هذا المعنى جاءت الاخبار أن الروح إذا فارقت الجسد نعمت وعذبت، والمراد الانسان الذي هو الجوهر البسيط يسمى الروح وعليه الثواب والعقاب، وإليه يوجه الأمر والنهي والوعد والوعيد، وقد دل القرآن على ذلك بقوله " يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك