لا يصلحان إلا معا يسميان فيعرفان ويوصفان فيجتمعان قيامهما في تمام أحدهما في منازلهما، جرى بهما ولهما نجوم، وعلى نجومهما نجوم سواهما، تحمى حماه وترعى مراعيه وفي القرآن بيانه وحدوده وأركانه ومواضع تقادير ما خزن بخزائنه ووزن بميزانه ميزان العدل، وحكم الفصل.
إن رعاة الدين فرقوا بين الشك واليقين، وجاؤا بالحق المبين، قد بينوا الاسلام تبيانا وأسسوا له أساسا وأركانا، وجاؤا على ذلك شهودا وبرهانا: من علامات وأمارات، فيها كفاء لمكتف، وشفاء لمشتف، يحمون حماه، ويرعون مرعاه، و يصونون مصونه، ويهجرون مهجوره، ويحبون محبوبه، بحكم الله وبره، وبعظيم أمره، وذكره بما يجب أن يذكر به، يتواصلون بالولاية، ويتلاقون بحسن اللهجة ويتساقون بكأس الروية، ويتراعون بحسن الرعاية، بصدور برية، وأخلاق سنية (1)... وبسلام رضية لا يشرب فيه الدنية، ولا تشرع فيه الغيبة.
فمن استبطن من ذلك شيئا استبطن خلقا سنيا وقطع أصله واستبدل منزله بنقصه مبرما، واستحلاله مجرما، من عهد معهود إليه، وعقد معقود عليه، بالبر والتقوى، وإيثار سبيل الهدى، على ذلك عقد خلقهم، وآخا ألفتهم، فعليه يتحابون وبه يتواصلون، فكانوا كالزرع، وتفاضله يبقى، فيؤخذ منه ويفنى، وبيعته التخصيص، ويبلغ منه التخليص، فانتظر أمره في قصر أيامه، وقلة مقامه في منزله حتى يستبدل منزلا ليضع منحوله، ومعارف منقلبه.
فطوبى لذي قلب سليم أطاع من يهديه، وتجنب ما يرديه، فيدخل مدخل الكرامة، فأصاب سبيل السلامة سيبصر ببصره، وأطاع هادي أمره، دل أفضل الدلالة وكشف غطاء الجهالة المضلة الملهية، فمن أراد تفكرا أو تذكرا فليذكر رأيه وليبرز بالهدى، ما لم تغلق أبوابه وتفتح أسبابه، وقبل نصيحة من نصح بخضوع وحسن خشوع، بسلامة الاسلام ودعاء التمام، وسلام بسلام، تحية دائمة لخاضع متواضع يتنافس بالإيمان، ويتعارف عدل الميزان، فليقبل أمره وإكرامه بقبول