السادس أن يكون المخفي على الأنام، والمحجوب عنهم، مكانه عليه السلام ومستقره الذي يقيم فيه، فلا يصل إليه أحد، ولا يعرفه غيره حتى ولده، فلا ينافي لقاءه ومشاهدته في الأماكن والمقامات التي قد مر ذكر بعضها، وظهوره عند المضطر المستغيث به، الملتجئ إليه التي انقطعت عنه الأسباب وأغلقت دونه الأبواب.
وفي دعوات السيد الراوندي ومجموع الدعوات للتلعكبري وقبس المصباح للصهر شتى في خبر أبي الوفاء الشيرازي أنه قال له رسول الله صلى الله عليه وآله في النوم:
وأما الحجة، فإذا بلغ منك السيف للذبح، وأومأ بيده إلى الحلق، فاستغث به فإنه يغيثك، وهو غياث وكهف لمن استغاث، فقل: يا مولاي يا صاحب الزمان أنا مستغيث بك، وفي لفظ: وأما صاحب الزمان فإذا بلغ منك السيف هنا، ووضع يده على حلقه، فاستعن به فإنه يعينك.
ومما يؤيد هذا الاحتمال ما رواه الشيخ والنعماني في كتابي الغيبة عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن لصاحب هذا الأمر غيبتين إحداهما يطول، حتى يقول بعضهم مات، ويقول بعضهم قتل، ويقول بعضهم ذهب حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير، لا يطلع على موضعه أحد من ولده، ولا غيره إلا الذي [يلي] أمره (1).
وروى الكليني عن إسحاق بن عمار قال أبو عبد الله عليه السلام: للقائم غيبتان إحداهما قصيرة والأخرى طويلة: الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه.
ورواه النعماني وفي لفظه بدون الاستثناء في الثاني، ورواه بسند آخر عنه عليه السلام قال: للقائم غيبتان إحداهما قصيرة والأخرى طويلة الأولى لا يعلم بمكانه إلا خاصة [شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه إلا خاصة] مواليه في دينه (2).