إنه في سنة من سني عشرة السبعين، كان عندي مقدار من مال الإمام عليه السلام عزمت على إيصاله إلى العلماء الأعلام في النجف الأشرف، وكان لي طلب على تجارها فمضيت إلى زيارة أمير المؤمنين سلام الله عليه في إحدى زياراته المخصوصة واستوفيت ما أمكنني استيفاؤه من الديون التي كانت لي وأوصلت ذلك إلى متعددين من العلماء الأعلام من طرف الإمام عليه السلام لكن لم يف بما كان علي منه، بل بقي علي مقدار عشرين تومانا فعزمت على إيصال ذلك إلى أحد علماء مشهد الكاظمين.
فلما رجعت إلى بغداد أحببت أداء ما بقي في ذمتي على التعجيل، ولم يكن عندي من النقد شئ فتوجهت إلى زيارة الإمامين عليهما السلام في يوم خميس، وبعد التشرف بالزيارة، دخلت على المجتهد دام توفيقه وأخبرته بما بقي في ذمتي من مال الإمام عليه السلام وسألته أن يحول ذلك علي تدريجا ورجعت إلى بغداد في أواخر النهار حيث لم يسعني لشغل كان لي، وتوجهت إلى بغداد ماشيا لعدم تمكني من كراء دابة.
فلما تجاوزت نصف الطريق رأيت سيدا جليلا مهابا متوجها إلى مشهد الكاظمين عليهما السلام ماشيا، فسلمت عليه فرد علي السلام، وقال لي: يا فلان وذكر اسمي - لم لم تبق هذه الليلة الشريفة ليلة الجمعة في مشهد الامامين؟ فقلت: يا سيدنا عندي مطلب مهم منعني من ذلك، فقال لي: ارجع معي وبت هذه الليلة الشريفة عند الامامين عليهما السلام وارجع إلى مهمتك غدا إنشاء الله.
فارتاحت نفسي إلى كلامه، ورجعت معه منقادا لأمره، ومشيت معه بجنب نهر جار تحت ظلال أشجار خضرة نضرة، متدلية على رؤوسنا، وهواء عذب، وأنا غافل عن التفكر في ذلك، وخطر ببالي أن هذا السيد الجليل سماني باسمي مع أنه لم أعرفه، ثم قلت في نفسي: لعله هو يعرفني وأنا ناس له.
ثم قلت في نفسي: إن هذا السيد كأنه يريد مني من حق السادة وأحببت أن أوصل إلى خدمته شيئا من مال الإمام الذي عندي، فقلت له: يا سيدنا عندي من حقكم بقية، لكن راجعت فيه جناب الشيخ الفلاني لأؤدي حقكم باذنه