فلا ذاق النعيم ولا شرابا * ولا يشفى من المرض الشفايا أراد بقوله صم فلم يكلم أي لم يسمع ما يكلم به، فاحتصر ويجوز أن يريد أنه لم يكلم لليأس من استماعه فأعرض عن خطابه لذلك، وقوله " وأودى سمعه إلا ندايا " إنما أراد أن سمعه هلك إلا أنه يسمع الصوت العالي الذي ينادى به وقوله: " ولاعب بالعشي بني بنيه " فإنه مبالغة في وصفه بالهرم والخرف، وأنه قد انتهى إلى ملاعبة الصبيان وانسهم به ويشبه أن يكون خص العشي بذلك لأنه وقت رواح الصبيان إلى بيوتهم واستقرارهم فيها.
وقوله: " يحترش العظايا " أي يصيدها والاحتراش أن يقصد الرجل إلى جحر الضب فيضربه بكفه ليحسبه الضب أفعى فيخرج إليه فيأخذه يقال: حرشت الضب واحترشته ومن أمثالهم هذا أجل من الحرش يضرب هذا لامر يستعظم ويتكلم بذلك على لسان الضب.
قال ابن دريد: قال الضب لابنه: اتق الحرش قال: وما الحرش؟ قال: إذا سمعت حركة بباب الجحر فلا تخرج فسمع يوما وقع المحفار فقال: يا أبه أهذا الحرش؟ فقال هذا أجل من الحرش فجعل مثلا للرجل إذا سمع الشئ الذي هو أشد مما كان يتوقعه.
والذيفان السم والعظايا جمع عظاية وهي دويبة معروفة (1).
وأحد المعمرين دويد بن زيد بن نهد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بضم اللام بن ألحاف بن قضاعة بن مالك بن مرة بن مالك بن حمير.
قال أبو حاتم: عاش دويد بن زيد أربعمائة سنة وستا وخمسين سنة، وقال ابن دريد: لما حضرت دويد بن زيد الوفاة وكان من المعمرين قال: ولا تعد العرب معمرا إلا من عاش مائة وعشرين سنة فصاعدا قال لبنيه: أوصيكم بالناس شرا، لا ترحموا لهم عبرة، ولا تقبلوا لهم عثرة، قصروا الأعنة، وطولوا الأسنة واطعنوا شزرا