النبي عليه السلام وما عليه أحد من العرب غيري وغير أسد بن خزيمة وتميم بن مر فاحفظوا وصيتي وموتوا على شريعتي إلهكم فاتقوه يكفكم المهم من أموركم و يصلح لكم أعمالكم وإياكم ومعصيته لا يحل بكم الدمار ويوحش منكم الديار.
يا بني كونوا جميعا ولا تتفرقوا فتكونوا شيعا، وإن موتا في عز خير من حياة في ذل وعجز، وكل ما هو كائن كائن وكل جميع إلى تباين، الدهر ضربان فضرب رخاء وضرب بلاء، واليوم يومان فيوم حبرة، ويوم عبرة، والناس رجلان فرجل لك ورجل عليك. تزوجوا الأكفاء وليستعملن في طيبهن الماء و تجنبوا الحمقاء فان ولدها إلى أفن ما يكون ألا إنه لا راحة لقاطع القرابة وإذا اختلف القوم أمكنوا عدوهم منهم، وآفة العدد اختلاف الكلمة، والتفضل بالحسنة يقي السيئة، والمكافأة بالسيئة الدخول فيها والعمل السوء يزيل النعماء، وقطيعة الرحم تورث الهم وانتهاك الحرمة يزيل النعمة، وعقوق الوالدين يعقب النكد، و يمحق العدد، ويخرب البلد، والنصيحة تجر الفضيحة، والحقد يمنع الوفد، و لزوم الخطيئة يعقب البلية، وسوء الرعة يقطع أسباب المنفعة والضغائن تدعو إلى التباين. ثم أنشأ يقول:
أكلت شبابي فأفنيته * وأنضيت بعد دهور دهورا ثلاثة أهلين صاحبتهم * فبادوا وأصبحت شيخا كبيرا قليل الطعام عسير القيام * قد ترك الدهر خطوي قصيرا أبيت أراعي نجوم السماء * اقلب أمري بطونا ظهورا قوله: " ولا صبوت بابنة عم ولا كنة " الصبوة رقة الحب والكنة امرأة ابن الرجل وامرأة أخيه فأما المومسة فهي الفاجرة البغي أراد بقوله: إنها لم تطرح عنده قناعها أي لم تبتذل عندي وتنبسط، كما تفعل مع من يريد الفجور بها وقوله: " فيوم حبرة ويوم عبرة " فالحبرة الفرح والسرور والعبرة تكون من ضد ذلك لان العبرة لا تكون إلا من أمر محزن مؤلم فأما " الأفن " فهو الحمق يقال: رجل أفين إذا كان أحمق، ومن أمثالهم وجدان الرقين يغطي على أفن الأفين أي وجدان الماء يغطي