قوله: حرسا من دهري، يريد دهرا والحرس الدهر (1) قال الراجز: " في سنة عشنا بذاك حرسا " فالسنبة المدة من الدهر. والتواكل أن يكل القوم أمرهم إلى غيرهم من قولهم رجل وكل إذا كان لا يكفي نفسه ويكل أمره إلى غيره ويقال:
رجل وكلة تكلة والغرض: كلما نصبته للرمي. وتعاوره أي تداوله.
قال المرتضى ره وقد أتى لابن الرومي معنى قول زهير بن جناب: الانسان في الدنيا غرض تعاوره الرماة، فمقصر دونه، ومجاوز له، وواقع عن يمينه وشماله ثم لابد أن يصيبه. في أبيات له فأحسن فيها كل الاحسان والأبيات لابن الرومي كفى بسراج الشيب في الرأس هاديا * لمن قد أضلته المنايا لياليا أمن بعد إبداء المشيب مقاتلي * لرامي المنايا تحسبيني راجيا غدا الدهر يرميني فتدنو سهامه * لشخصي أخلق أن يصبن سواديا وكان كرامي الليل يرمي ولا يرى * فلما أضاء الشيب شخصي رمانيا أما البيت الأخير فإنه أبدع فيه وغرب، وما علمت أنه سبق إلى معناه لأنه جعل الشباب كالليل الساتر على الانسان الحاجز بينه وبين من أراد رميه لظلمته، والشيب مبديا لمقاتله هاديا إلى إصابته لضوئه وبياضه، وهذا في نهاية حسن المعنى وأراد بقوله " رماني " أصابني ومثله قول الشاعر:
فلما رمى شخصي رميت سواده * ولابد أن يرمى سواد الذي يرمي وكان زهير بن جناب على عهد كليب وائل ولم يك في العرب أنطق من زهير ولا أوجه عند الملوك، وكان لسداد رأيه يسمى كاهنا ولم تجتمع قضاعة إلا عليه وعلى رزاح بن ربيعة وسمع زهير بعض نسائه تتكلم بما لا ينبغي لامرأة أن تتكلم به عند زوجها فنهاها فقالت له: اسكت عني وإلا ضربتك بهذا العمود فوالله ما كنت أراك تسمع شيئا ولا تعقله فقال عند ذلك:
ألا يا لقوم لا أرى النجم طالعا * ولا الشمس إلا حاجبي بيميني معزبتي عند القفا بعمودها * يكون نكيري أن أقول ذريني