الكافر قائما والمعرفة مرتفعة دل على أن المعرفة ليست لطفا على كل حال لأنها لو كانت كذلك لكان نقضا.
وجوابنا في الإمامة كجوابهم في المعرفة من أن الكافر لطفه قائم بالمعرفة و إنما فوت (على) نفسه بالتفريط في النظر المؤدي إليها فلم يقبح تكليفه فكذلك نقول:
الرئاسة لطف للمكلف في حال الغيبة وما يتعلق بالله من إيجاده حاصل وإنما ارتفع تصرفه وانبساط يده لامر يرجع إلى المكلفين فاستوى الأمران والكلام في هذا المعنى مستوفى أيضا بحيث ذكرناه. وأما الكلام في الفصل الثالث من قوله إن الفائدة بالإمامة هي كونه مبعدا من القبيح على قولكم وذلك لم يحصل مع غيبته فلم ينفصل وجوده من عدمه فإذا لم يختص وجوده غائبا بوجه الوجوب الذي ذكروه لم يقتض دليلهم وجوب وجوده مع الغيبة، فدليلكم مع أنه منتقض حيث وجد مع انبساط اليد ولم يجب انبساط اليد مع الغيبة فهو غير متعلق بوجود إمام غير منبسط اليد ولا هو حاصل في هذه الحال.
فانا نقول: إنه لم يفعل في هذا الفصل أكثر من تعقيد القول على طريقة المنطقيين من قلب المقدمات ورد بعضها على بعض ولا شك أنه قصد بذلك التمويه والمغالطة وإلا فالامر أوضح من أن يخفى متى قالت الامامية إن انبساط يد الامام لا يجب في حال الغيبة حتى يقول: دليلكم لا يدل على وجوب إمام غير منبسط اليد لأن هذه حال الغيبة، بل الذي صرحنا دفعة بعد أخرى أن انبساط يده واجب في الحالين في حال ظهوره وحال غيبته غير أن حال ظهوره مكن منه فانبسطت يده وحال الغيبة لم يمكن فانقبضت يده لا أن انبساط يده خرج من باب الوجوب وبينا أن الحجة بذلك قائمة على المكلفين من حيث منعوه ولم يمكنوه فاتوا من قبل نفوسهم، وشبهنا ذلك بالمعرفة دفعة بعد أخرى.
وأيضا فانا نعلم أن نصب الرئيس واجب بعد الشرع لما في نصبه من اللطف لتحمله القيام بما لا يقوم به غيره، ومع هذا فليس التمكين واقعا لأهل الحل والعقد من نصب من يصلح لها خاصة على مذهب أهل العدل الذين كلامنا معهم