قلنا: قد بينا في باب وجوب الإمامة بحيث أشرنا إليه أن انبساط يده و الخوف من تأديبه إنما فات المكلفين لما يرجع إليهم لأنهم أحوجوه إلى الاستتار بأن أخافوه ولم يمكنوه فاتوا من قبل نفوسهم وجرى ذلك مجرى أن يقول قائل:
" من لم يحصل له معرفة الله تعالى، في تكليفه وجه قبح " لأنه لم يحصل ما هو لطف له من المعرفة فينبغي أن يقبح تكليفه فما يقولونه ههنا من أن الكافر اتي من قبل نفسه لان الله قد نصب له الدلالة على معرفته ومكنه من الوصول إليها فإذا لم ينظر ولم يعرف اتي في ذلك من قبل نفسه ولم يقبح ذلك تكليفه فكذلك نقول: انبساط يد الامام وإن فات المكلف فإنما اتي من قبل نفسه ولو مكنه لظهر وانبسطت يده فحصل لطفه فلم يقبح تكليفه لان الحجة عليه لا له.
وقد استوفينا نظائر ذلك في الموضع الذي أشرنا إليه وسنذكر فيما بعد إذا عرض ما يحتاج إلى ذكره. وأما الكلام في الفصل الثاني فهو مبني على ألفاظه ولا نقول إنه لم يفهم ما أورده لان الرجل كان فوق ذلك لكن أراد التلبيس والتمويه وهو قوله إن دليل وجوب الرئاسة ينتقض بحال الغيبة لان كون الناس مع رئيس مهيب متصرف أبعد من القبيح لو اقتضى كونه لطفا واجبا على كل حال وقبح التكليف مع فقده ينتقض في زمان الغيبة ولم يقبح التكليف مع فقده فقد وجد الدليل ولا مدلول وهذا نقض. وإنما قلنا إنه تمويه لان ظن أنا نقول إن في حال الغيبة دليل وجوب الإمامة قائم ولا إمام فكان نقضا ولا نقول ذلك، بل دليلنا في حال وجود الامام بعينه هو دليل حال غيبته في أن في الحالين الامام لطف فذ نقول إن زمان الغيبة خلا من وجود رئيس بل عندنا أن الرئيس حاصل وإنما ارتفع انبساط يده لما يرجع إلى المكلفين على ما بيناه لا لان انبساط يده خرج من كونه لطفا بل وجه اللطف به قائم وإنما لم يحصل لما يرجع إلى غير الله فجرى مجرى أن يقول قائل كيف يكون معرفة الله تعالى لطفا مع أن الكافر لا يعرف الله فلما كان التكليف على