فاختارني وقال: قد طلب مني ابن الرضا من يفصده، فصر إليه وهو أعلم في يومنا هذا بمن هو تحت السماء، فاحذر أن لا تعترض عليه فيما يأمرك به.
فمضيت إليه فأمرني إلى حجرة وقال: كن إلى أن أطلبك، قال: وكان الوقت الذي دخلت إليه فيه عندي جيدا محمودا للفصد، فدعاني في وقت غير محمود له، و أحضر طستا عظيما ففصدت الأكحل فلم يزل الدم يخرج حتى امتلأ الطست، ثم قال لي: اقطع فقطعت وغسل يده وشدها، وردني إلى الحجرة، وقدم من الطعام الحار والبارد شئ كثير، وبقيت إلى العصر ثم دعاني فقال: سرح! ودعا بذلك الطست فسرحت وخرج الدم إلى أن امتلأ الطست فقال: اقطع فقطعت وشد يده وردني إلى الحجرة، فبت فيها.
فلما أصبحت وظهرت الشمس دعاني وأحضر ذلك الطست، وقال: سرح فسرحت، فخرج مثل اللبن الحليب إلى أن امتلأ الطست، فقال: اقطع فقطعت فشد يده، وقدم لي بتخت ثياب وخمسين دينارا، وقال: خذ هذا وأعذر وانصرف فأخذت وقلت: يأمرني السيد بخدمة؟ قال نعم، تحسن صحبة من يصحبك من دير العاقول!
فصرت إلى بختيشوع، وقلت له القصة فقال: اجتمعت الحكماء على أن أكثر ما يكون في بدن الانسان سبعة أمناء من الدم (1) وهذا الذي حكيت