وكان غرضه أن يكسر قلب كل من يخرج عليه وكان خوفه من أبي الحسن عليه السلام أن يأمر أحدا من أهل بيته أن يخرج على الخليفة.
فقال له أبو الحسن عليه السلام: وهل أعرض عليك عسكري؟ قال: نعم، فدعا الله سبحانه فإذا بين السماء والأرض من المشرق والمغرب ملائكة مدججون فغشي على الخليفة، فلما أفاق قال أبو الحسن عليه السلام: نحن لا نناقشكم في الدنيا نحن مشتغلون بأمر الآخرة فلا عليك شئ مما تظن بيان: " التجافيف " جمع التجفاف بالكسر وهو آلة للحرب يلبسه الفرس والانسان ليقيه في الحرب ومدججون بتشديد الجيم المفتوحة يقال فلان مدجج أي شاك في السلاح.
45 - الخرائج: روى أبو محمد البصري عن أبي العباس خال شبل كاتب إبراهيم ابن محمد قال: كنا أجرينا ذكر أبي الحسن عليه السلام فقال لي: يا أبا محمد لم أكن في شئ من هذا الامر وكنت أعيب على أخي، وعلى أهل هذا القول عيبا شديدا بالذم والشتم إلى أن كنت في الوفد الذين أوفد المتوكل إلى المدينة في إحضار أبي الحسن عليه السلام فخرجنا إلى المدينة.
فلما خرج وصرنا في بعض الطريق وطوينا المنزل وكان منزلا صائفا شديد الحر فسألناه أن ينزل فقال: لا، فخرجنا ولم نطعم ولم نشرب فلما اشتد الحر و الجوع والعطش فبينما ونحن إذ ذلك في أرض ملساء لا نرى شيئا ولا ظل ولا ماء نستريح فجعلنا نشخص بأبصارنا نحوه قال: وما لكم أحسبكم جياعا وقد عطشتم فقلنا: إي والله يا سيدنا قد عيينا قال: عرسوا! وكلوا واشربوا.
فتعجب من قوله ونحن في صحراء ملساء لا نرى فيها شيئا نستريح إليه، ولا نرى ماءا ولا ظلا، فقال: مالكم عرسوا فابتدرت إلى القطار لأنيخ ثم التفت وإذا أنا بشجرتين عظيمتين تستظل تحتهما عالم من الناس وإني لأعرف موضعهما أنه أرض براح قفراء، وإذا بعين تسيح على وجه الأرض أعذب ماء وأبرده.
فنزلنا وأكلنا وشربنا واسترحنا، وإن فينا من سلك ذلك الطريق مرارا