فصهل الثانية فضرب بيده، فقال له بالفارسية: اقلع فامض إلى ناحية البستان وبل هناك ورث وارجع فقف هناك مكانك، فرفع الفرس رأسه وأخرج العنان من موضعه ثم مضى إلى ناحية البستان حتى لا نراه في ظهر الفازة فبال وراث وعاد إلى مكانه.
فدخلني من ذلك ما الله به عليم، فوسوس الشيطان في قلبي فقال: يا أحمد لا يعظم عليك ما رأيت إن ما أعطى الله محمدا وآل محمد أكثر مما أعطى داود، و آل داود، قلت: صدق ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فما قال لك؟ وما قلت له فقد فهمته فقال قال لي الفرس: قم فاركب إلى البيت حتى تفرغ عني قلت: ما هذا الغلق؟
قال: قد تعبت قلت: لي حاجة أريد أن أكتب كتابا إلى المدينة فإذا فرغت ركبتك قال: إني أريد أن أروث وأبول وأكره أن أفعل ذلك بين يديك، فقلت: اذهب إلى ناحية البستان فافعل ما أردت ثم عد إلى مكانك ففعل الذي رأيت.
ثم أقبل الغلام بالدواة والقرطاس، وقد غابت الشمس، فوضعها بين يديه فأخذ في الكتابة حتى أظلم الليل فيما بيني وبينه، فلم أر الكتاب، وظننت أنه أصابه الذي أصابني فقلت للغلام: قم فهات شمعة من الدار حتى يبصر مولاك كيف يكتب، فمضى، فقال للغلام: ليس إلى ذلك حاجة.
ثم كتب كتابا طويلا إلى أن غاب الشفق، ثم قطعه فقال للغلام: أصلح و أخذ الغلام الكتاب، وخرج إلى الفازة ليصلحه ثم عاد إليه وناوله ليختمه فختمه من غير أن ينظر الخاتم مقلوبا أو غير مقلوب، فناولني، فقمت لأذهب فعرض في قلبي قبل أن أخرج من الفازة أصلي قبل أن آتي المدينة قال: يا أحمد صل المغرب و العشاء الآخرة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله واطلب الرجل في الروضة فإنك توافقه إنشاء الله.
قال: فخرجت مبادرا فأتيت المسجد وقد نودي العشاء الآخرة، فصليت المغرب، ثم صليت معهم العتمة وطلبت الرجل حيث أمرني فوجدته فأعطيته الكتاب وأخذه وفضه ليقرأه، فلم يستبن قراءته في ذلك الوقت، فدعا بسراج