من مظانها، ومن تأمل كتب السير والتواريخ عرف من ذلك ما قلناه، فأما الذاهبون إلى أن أبا بكر أقدمهما إسلاما فنفر قليلون، ونحن نذكر ما أورده ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب في ترجمة أبي بكر، قال أبو عمر: حدثني خالد بن قاسم، قال: حدثنا أحمد بن محبوب، قال: حدثنا محمد بن عبدوس، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا شيخ لنا، قال: أخبرنا مجالد، عن الشعبي قال: سألت ابن عباس - أو سئل - أي الناس كان أسبق إسلاما؟ فقال: أما سمعت قول حسان بن ثابت:
إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة (1) * فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا خير البرية أتقاها وأعدلها * بعد النبي وأوفاها بما حملا والثاني التالي المحمود مشهده * وأول الناس منهم صدق الرسلا وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لحسان: هل قلت في أبي بكر (2)؟ قال: نعم وأنشده هذه الأبيات، وفيها بيت رابع وهو:
وثاني اثنين في الغار المنيف وقد (3) * طاف العدو به إذ صعدوا الجبلا فسر بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: أحسنت يا حسان، وقد روي منها خامس (4):
وكان حزب رسول الله قد علموا (5) * من البرية لم يعدل به رجلا قال أبو عمر: وروى شعبة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم النخعي قال: أول من أسلم أبو بكر قال: وروى الحريري عن أبي نضرة قال: قال أبو بكر لعلي: أنا أسلمت قبلك - في حديث ذكره - فلم ينكره عليه، قال أبو عمر: وقال فيه أبو محجن الثقفي:
وسميت صديقا وكنت مهاجرا * سواك يسمى باسمه غير منكر سبقت إلى الاسلام والله شاهد * وكنت جليسا بالعريش المسهر (6)