روضة الواعظين (1)، والطبرسي في إعلام الورى (2)، وابن الصباغ في الفصول المهمة (3) وغيرها من الأصول والكتب التي عندنا، وإنما نورد لتأييد هذا المقصد الأقصى والمطلب الأسنى مع وضوحه وظهوره كشمس الضحى حسما (4) لشبه المباهتين ما أورد عبد الحميد ابن أبي الحديد من مشاهير المخالفين والشيخ المفيد من أفاخم علمائنا الامامية رضوان الله عليهم أجمعين، فأما ابن أبي الحديد فقد قال في شرح نهج البلاغة:
اختلف في سن علي (عليه السلام) حين أظهر النبي (صلى الله عليه وآله) الدعوة: إذ تكامل له (صلى الله عليه وآله) أربعون سنة، فالأشهر في الروايات أنه كان ابن عشر، وكثير من أصحابنا المتكلمين يقولون: إنه كان ابن ثلاث عشرة سنة، ذكر ذلك شيخنا أبو القاسم البلخي وغيره من شيوخنا، والأولون يقولون: إنه قتل وهو ابن ثلاث وستين (5)، وهؤلاء يقولون: ابن ست وستين، والروايات في ذلك مختلفة، ومن الناس من يزعم أن سنه كان دون العشر، والأكثر الأظهر خلاف ذلك، وذكر أحمد بن يحيى البلاذري وعلي بن الحسين الأصفهاني أن قريشا أصابتها أزمة وقحط، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعميه حمزة والعباس: ألا نحمل ثقل أبي طالب في هذا المحل (6) فجاؤوا إليه وسألوه أن يدفع إليهم ولده ليكفوه أمرهم، فقال: دعوا لي عقيلا وخذوا من شئتم، وكان شديد الحب لعقيل، فأخذ العباس طالبا وأخذ حمزة جعفرا وأخذ محمد (صلى الله عليه وآله) عليا، وقال لهم: قد اخترت من اختاره الله لي عليكم عليا، قالوا: وكان علي في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) منذ كان عمره ست سنين، وكان ما يسدي إليه (7) من شفقته وإحسانه وبره وحسن تربيته كالمكافأة والمعاوضة لصنيع أبي طالب به