أولى بالتقديم وأحق بالتعظيم والإمامة، وخلافة الرسول هي أعلى منازل الدين بعد النبوة، فمن كان أجل قدرا في الدين وأفضل وأشرف على اليقين وأثبت قدما وأوفر حظا فيه فهو أولى بها، ومن دل على ذلك من حاله دل على إمامته، ولان العادة قد جرت فيمن يرشح لجليل الولايات ويؤهل لعظيم الدرجات أن يصنع به بعض ما تقدم ذكره يبين ذلك أن بعض الملوك لو تابع بين أفعال وأقوال في بعض أصحابه طول عمره وولايته تدل على فضل شديد وقرب منه في المودة والمخالصة (1) والاتحاد لكان عند أرباب العادات بهذه الافعال مرشحا له لافضل المنازل وأعلى المراتب بعده، ودالا على استحقاقه لذلك وقد قال قوم من أصحابنا: إن دلالة الفعل ربما كانت آكد من دلالة القول، لأنها أبعد من الشبهة وأوضح في الحجة، من حيث إن ما يختص بالفعل لا يدخله المجاز ولا يحتمل التأويل، وأما القول فيحتمل ضروبا من التأويل ويدخله المجاز (2).
2 - الطرائف: وإني لأستطرف من الأربعة المذاهب إقدامهم تارة على ترك العمل بوصايا نبيهم محمد (صلى الله عليه وآله) التي تضمنتها أخبارهم الصحاح المقدم ذكر بعضها، وإقدامهم تارة أخرى على تقبيح ذكر نبيهم (صلى الله عليه وآله) فيما نسبوه صلوات الله عليه وآله إلى إهمال رعيته (3) وأنه توفي وتركهم بغير وصية بالكلية! وقد روى مسلم في صحيحه في الجزء الثالث من الاجزاء الستة في الثلث الأخيرة منه في كتاب الفرائض بإسناده إلى ابن شهاب عن أبيه أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما حق امرئ مسلم له شئ يوصي فيه يبيت ثلاث ليال إلا ووصيته عنده مكتوبة (4). وروى نحو ذلك من عدة طرق، فكيف تقبل العقول أن النبي (صلى الله عليه وآله) يقول ما لا يفعل؟ وقد تضمن كتاب الله تعالى (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون (5)) وقال الله تعالى عمن هو دون محمد (صلى الله عليه وآله) من